ذنوب سالكي سبيل الله (٤)
والسبب أن الشيطان لا ييأس أبدًا من أي إنسان، فهو دائمًا يسعى لإغواء كل شخص بطريقته الخاصة. لديه منهج خاص لكل فئة من الناس، ويريد أن يجعل الجميع كفارًا بلا دين. وإذا لم يستطع ذلك، فإنه يوقعهم في الذنوب تحت غطاء "الدين"، أو يوقعهم في ذنوب القلوب التي تدمر أعمال الصالحين، والتي يصعب على المتدينين أحيانًا إدراكها.
الغيبة من الأسباب الرئيسية لهدم حسنات المؤمن. شبهها القرآن بأكل لحم الأخ الميت. قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(الحجرات: 12)
وقال النبي ﷺ:
إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَنَافَسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا(رواه البخاري ومسلم)
الغيبة هي ذكر عيوب الشخص الحقيقية في غيبته. سُئل النبي ﷺ:
أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ. قِيلَ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ(رواه مسلم)
نحن نعتقد أن قول الحقيقة ليس فيه مشكلة، لكننا لا ندرك أن بعض الحقوق حرام، بل قد يكون أشد حرمة من الكذب. أحيانًا نقول: "أستطيع أن أقول هذا الكلام أمامه!" لكن الغيبة هي ذكر العيوب في غيابه حتى لو كانت صحيحة.
الغيبة تتعلق بحق العبد، وإذا لم يغفر لها الشخص الذي اغتيب، فإن حسناتنا تُنقل إليه يوم القيامة.
أسباب الوقوع في الغيبة:
التبرير بالإصلاح: نعتقد أن ذكر عيوب الآخرين وسيلة لإصلاحهم، لكن الغيبة لا تُصلح أحدًا، بل تزيد الذنوب.
الغيبة للضرورة: يجوز ذكر عيوب الشخص فقط إذا كان الهدف منع ضرر أكبر، مثل تحذير المسؤولين عن إصلاحه.
الغيبة حرام إلا للضرورة القصوى: مثل أكل لحم الخنزير في المجاعة، لكن المؤمن يبتعد عنها قدر الإمكان.
ستر عيوب المسلمين: قال النبي ﷺ:
مَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ(رواه البخاري ومسلم)
الانشغال بذنوب النفس: المؤمن الحكيم ينشغل بتصحيح نفسه بدلًا من انتقاد الآخرين.
اللهم احفظنا من الغيبة، وآمين.