ذنوب سالكي سبيل الله (٣)
وذلك لأن الشيطان لا ييأس من إغواء أي إنسان، بل يسعى دوماً لإضلال كل شخص بطريقته. فلديه منهج خاص لكل فئة من الناس، ويريد أن يجعلهم جميعًا كفارًا لا دينيين، فإن لم يستطع، دفعهم لارتكاب الذنوب تحت غطاء الدين.
وقد يدفعهم أيضًا إلى بعض "ذنوب القلب" التي تُبطل الأعمال الصالحة، والتي يصعب أحيانًا على المتدينين أنفسهم إدراكها. وقد تم الحديث سابقًا في عدة مقالات عن بعض هذه الذنوب، وسنتناول هنا بعضًا آخر منها، إن شاء الله.
الله سبحانه وتعالى يحب خلقه ويريد أن يرحمهم، وهو في نفس الوقت العدل ربّ يوم الحساب. سيقيم العدل بين كل مخلوقاته. فإذا ظلم شخصٌ غيره أو ضيّع حقه، ولم يتب إليه ويطلب العفو منه في حياته، فالله سبحانه وتعالى سيأخذ الحق للمظلوم يوم القيامة كاملاً.
وفي ذلك اليوم، لا مجال للتعويض بالمال أو الممتلكات، بل سيُؤخذ من حسنات الظالم وتُعطى للمظلوم، وإذا لم تكفِ حسناته، حُمّلت عليه سيئات المظلوم. فالمسلم الذاكر إذا لم ينتبه لهذه الحقوق، فقد يُحرم من حسناته ويعاقب.
لقد علّمنا القرآن والسنة بتفصيلٍ حقوق الآخرين، ويجب على المسلم أن يتعلمها ويطبقها. فكثير من المتدينين لا يعون حقوق الزوجة، الأولاد، الجيران، الزملاء، العمال، الأقارب، الأيتام، الفقراء، وغيرهم. بل حتى حقوق غير المسلمين والحيوانات.
من أنواع الغيبة "النميمة"، أي نقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد. والغيبة هي أن تذكر أخاك بما يكره في غيابه، أما النميمة فهي أن تنقل كلامًا يفسد العلاقة بين اثنين. وهي أشد من الغيبة، وتعدّ من أكبر الكبائر. قال النبي ﷺ:
أيها القارئ الكريم، يجوز الكذب لإصلاح العلاقات، لكن لا يجوز نقل الكلام الصادق إذا كان يفسدها. فاحذر ممن ينقل الكلام، فهو حتى إن كان صادقًا، فهو عدوك. يريد تخريب قلبك وسكينتك وعلاقتك بأخيك. نسأل الله أن يحمينا من النميمة والنمّامين، آمين.
وإذا تذكرتَ أحدًا فادفع عن قلبك الحسد والكبر والعداوة بالتفكير في محاسنه، واعترافك باستحقاقه للثناء، واحترامك له. ومع الوقت، ستتخلص من هذه الآفات بإذن الله.