الطريق إلى التوبة والاستغفار من الفساد والأعمال غير المشروعة

أيها الإخوة، نسمع عن فساد الآخرين أو اختلاساتهم فنتنقدهم. لكننا نحن أنفسنا ندعم الفساد، ولا نكره الفساد. نتودد إلى ذلك الفاسد أو مختلس الأموال، ونصادقه، ونذهب إلى دعوات في بيته. يجب علينا أن نبتعد عن هذه الأمور.

الظالم، والفاسد، والمعتدي على حقوق العباد؛ ربما تكون عباداته الشخصية صحيحة، لكنه لا يؤدي حقوق أولاده، ولا يؤدي حقوق زوجته، ولا يؤدي حقوق والديه، ويبخس في الميزان، ويغش، ويرتشي؛ تجنبه. ما دام لم يتب من هذا الذنب، لا أستطيع أن أتعامل معه اجتماعيًا، ولا أصدقه. على الأقل هذا مقتضى إيماني. قد أظلم.

ثانيًا: نحاول دائمًا أن نحافظ على أنفسنا بعيدًا عن الذنوب المتعلقة بحقوق العباد. ربما ارتكبنا في الماضي ذنوبًا كثيرة. في شبابنا شربنا الكثير من الخمر. الآن نستغفر الله. قد يغفر الله لنا. لكن في الشباب، أخذنا شيئًا من دكان وأكلناه ثم انصرفنا دون أن ندفع الثمن؛ كانت لدينا قوة، فانتزعنا الأموال بالعنف، وضربنا؛ أخذنا مهرًا، ومات الحمو، الآن لمن ندفعه؟! صعب يا إخوة، صعب جدًا.

لا نيأس أحدًا، لكن الأمر صعب. من لا يزال لديه وقت، فليستغفر ممن ظلمهم. ومن لم يعد لديه وقت، ولم يجد المعنيين، يجب عليه أن يتوب.

ما معنى التوبة؟ لقد ارتشيت وكسبت مئات الآلاف أو ملايين الدولارات. الآن أتوب، ولن آخذ الرشوة بعد الآن. هذا ليس توبة.

التوبة هي مجموعة من عدة أمور. أولها: يندم ندماً شديداً في قلبه، لقد ارتكب خطأ فادحًا. الأمر الثاني: أن يعزم على عدم العودة إلى هذا الذنب. الأمر الثالث: أن يرد الحقوق المتعلقة بهذا الظلم إلى أصحابها.

التوبة تعني العودة إلى طريق الله. لا يصح أن تقول وأنت مغطى بأوساخ الذنوب: اللهم إني أتوب إليك. كلا! يجب أن تنظف جسمك من الأوساخ أولاً. يجب أن تغتسل قدر المستطاع، وأن تتطهر.

ولهذا، فالظلم الذي ارتكبته، والأموال غير المشروعة التي كسبتها，عليك أن تحسبها وتردها إلى أصحابها، وإذا لم تجد أصحابها، فعليك أن تتصدق بها في سبيل الله نيابة عنهم بنية أن يكون الثواب لهم. وأن تبكي إلى الله قائلاً: اللهم، لم أعد أجد أصحابها، فأعطِ ثواب هذا الصدق لأصحابها، واجعل ترتيبًا في القيامة حتى لا يطالبني أصحابها.

توبتك تعتمد على مقدار تنازلك. هل تظن أنك ستستمتع بملايين أو مليارات الدولارات، ثم في آخر عمرك تعتقد: الآن لم أعد أظلم، لقد تبت توبة حسنة! كلا، هذا ليس توبة.

مدى عمق التوبة يعتمد على مقدار ما استطعت أن ترده من أموال الفساد. يعتمد على مدى استطاعتك أن تحصر نفسك في الحلال. ندمك، وعودتك إلى طريق الله. الله يعلم ما في قلوبكم.

الكتاب: نداء المنبر-٣

المؤلف: الأستاذ الدكتور خوندكار عبد الله جهانغير رح.