شهر رجب
شهر رجب
الحديث
المكذوب حول شهر رجب
لقد
وُضِعَت الأحاديث المكذوبة حول شهر رجب أكثر من أي شهر آخر. أما الأشهر الخمسة:
صفر، ربيع الأول، ربيع الثاني، جمادى الأولى، وجمادى الثانية، فإن الأكاذيب
المنسوبة إليها حول فضائلها أو العبادات الخاصة بها قد انتشرت بشكل رئيسي في شبه
القارة الهندية خلال القرون القليلة الماضية.
حتى
القرنين الخامس والسادس الهجريين، لا نجد أي ذكر لهذه الأشهر في كتب الأحاديث
الموضوعة أو كتب الفضائل. حتى أن العلماء الأتقياء الذين كانوا يجمعون كل ما
يسمعونه من صحيح وضعيف لم يذكروا شيئًا عن هذه الأشهر في كتبهم. كانوا يبدأون
حديثهم عن رجب وينتهون بالمحرم.
مكانة
رجب في الشريعة الإسلامية
رجب هو
أحد الأشهر الحرم التي حرمها الله في الشريعة الإسلامية. وقد كان العرب في
الجاهلية يحترمون هذه الأشهر اتباعًا لشريعة إبراهيم عليه السلام. لكن مع مرور
الوقت، تسللت إليهم العديد من الخرافات والعادات الباطلة.
في
الجاهلية، كان العرب يعظمون شهر رجب بشكل خاص، ويقدمون فيه ذبائح تسمى
"العَتِيرَة"، ويحتفلون به. وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك.[صحيح البخاري
(٥/٢٠٨٣)، صحيح مسلم (٣/١٥٦٤)، ابن رجب، لطائف المعارف (١/١٩٢-١٩٤).]
باستثناء
كونه شهرًا حرامًا، لم يرد أي حديث صحيح أو مقبول السند يثبت فضيلة خاصة لرجب، أو
يذكر أي عبادة معينة (مثل صلاة، صيام، ذكر، دعاء، تلاوة) في أي يوم أو ليلة منه.
الأحاديث
الموضوعة حول رجب
(١)
الفضائل العامة لرجب
وضع
الوضاعون أحاديث كثيرة عن فضائل رجب، مثل:
كل هذه
أحاديث مكذوبة لا أصل لها.[ابن رجب، لطائف المعارف (١/١٩٩)، ابن حجر، تبيين العجب
(ص ٩-٨٠)، الملا علي القاري، الأسرار المرفوعة (ص ١٦٦)، اللكنوي، الآثار (ص
٥٨-٩٠).]
(٢)
صلاة رجب
وضعوا
أحاديث عن صلوات خاصة في رجب، مثل:
كل هذه
الصلوات بدعة، ولم يثبت فيها أي حديث صحيح.[ابن رجب (١/١٩٤)، ابن حجر (ص ٥٤)،
الملا علي القاري (ص ٣٢٨)، اللكنوي (ص ٦٢-٧٧).]
(٣)
صيام رجب
من أكثر
الأحاديث الموضوعة انتشارًا تلك التي تحث على صيام رجب، مثل:
كل هذه
أحاديث باطلة.[ابن القيم، المنار المنيف (ص ٩٦)، ابن رجب (١/١٩٥-١٩٧)، الشوكاني،
الفوائد (٢/٥٣٩-٥٤١).]
(٤)
ليلة الرغائب
من أشهر
الأحاديث الموضوعة ما يتعلق بـ "ليلة الرغائب"، وهي أول ليلة جمعة من
رجب، حيث زعموا أن فيها صلاة خاصة بعد المغرب. وهذا كله كذب وافتراء.[ابن الجوزي،
الموضوعات (٢/٤٦-٤٨)، السيوطي، اللآلئ (٢/٥٥-٥٦).]
(٥)
ليلة الإسراء (٢٧ رجب)
لم يثبت
أي حديث صحيح يحدد تاريخ الإسراء والمعراج. واختلف العلماء في ذلك على أكثر من
عشرين قولًا، فمنهم من قال إنه في ربيع الأول، ومنهم من قال في رجب، أو رمضان، أو
غيرها.
أما
الأحاديث التي تذكر فضل ليلة ٢٧ رجب، مثل:
فهي كلها
موضوعة ومكذوبة.[ابن حجر، تبيين العجب (ص ٦٣)، الشوكاني (٢/٥٣٩)، اللكنوي (ص ٥٨).]
الخاتمة
كل ما
ورد في فضائل رجب أو عباداته الخاصة لا أصل له في السنة الصحيحة. وقد حذر العلماء
من هذه البدع والأحاديث الموضوعة. والله أعلم.