الصيام، رمضان والقرآن (الجزء 06)
في القرآن الكريم، يُطلق على تلاوة كتاب الله تعالى مصطلح "تلاوة" لأن التلاوة تعني الاتباع والانقياد. فمجرد القراءة دون فهم لا تُعتبر تلاوة حقيقية. التلاوة تعني أن يتبع القلب ما يُتلى، ثم يتبع الحياة بأكملها ذلك. يقول الله تعالى:
وفي الأحاديث النبوية الشريفة، ورد التأكيد مرارًا على أن التلاوة الحقيقية هي القراءة مع الفهم. وأن الذين يتلون القرآن بهذه الصورة هم المؤمنون حقًا. وقد وردت أحاديث كثيرة تأمر بتدبر معاني القرآن أثناء التلاوة. بل إن بعض الأحاديث حذرت من أن الذين يقرؤون آيات القرآن دون تفكر في معانيها سيعذبون. [تفسير القرطبي 2/201، تفسير ابن كثير 1/442]
وغالبًا ما نظن أن فهم القرآن أمر صعب، وأنه من مسؤولية العلماء فقط. مهمة العلماء هي الغوص في أعماق القرآن واستنباط الأحكام الفقهية من خلال الأحاديث. أما أخذ العبر الإيمانية والعملية فهو واجب كل مؤمن. وقد ذكر الله تعالى في أربع مواضع من القرآن:
فإذا قلنا بعد ذلك إن فهم القرآن صعب، أليس ذلك استخفافًا بالقرآن؟ في الحقيقة، القرآن كتاب معجز، ومن مظاهر إعجازه أننا جميعًا نرى كيف يحفظه طفل غير عربي في السابعة أو الثامنة من عمره كاملًا. ومن إعجازه أيضًا سهولة فهمه. حتى لو لم تفهم كلمة أو جملة عربية، إذا قرأت ترجمة معاني القرآن مع النظر إلى الآيات العربية، ستجد أن المعنى يترسخ في قلبك بشكل عجيب. وبعد ختمة أو ختمتين، عندما تقف في الصلاة وتسمع تلاوة الإمام، ستجد أن معنى الآيات يشرق في قلبك حتى لو لم تكن تعرف معاني الكلمات العربية.