سيام ورمضان والقرآن (ج5)
يُقرأ القرآن عادةً في جميع أوقات الليل والنهار. ولكن الوقت الخاص للمؤمن لتلاوة القرآن هو قيام الليل أو التهجد. فقد ذكر القرآن الكريم هذه التلاوة كخاصية مميزة للمؤمنين. وفي ليالي رمضان، صلاة الليل (القيام) سُنَّة مؤكدة، كما أن ختم القرآن كاملًا مرة أو مرات في قيام الليل أو التراويح هو أيضًا سُنَّة مهمة. عن هذه التلاوة الليلية قال رسول الله ﷺ:
«الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، فَيُشَفَّعَانِ».
كما أن تلاوة القرآن لها أجر عظيم، فإن الاستماع إليه له نفس الأجر. لذلك، يجب في صلاة التراويح الإنصات بتركيز وأدب. للأسف، تقصيرنا في هذا كبير. من سُنَّة النبي ﷺ الترتيل في التلاوة والتوقف عند نهاية كل آية. بهذه الطريقة نحصل على أجر التلاوة، وكذلك أجر الاستماع. وقد نهى النبي ﷺ عن العجلة في قراءة القرآن بشدة.
ولكننا للأسف نُجبر الحفاظ في صلاة التراويح على القراءة السريعة، مما يؤدي إلى عدم الأدب مع القرآن. بالإضافة إلى ذلك، بهذه الطريقة لا يسمع المصلون الكثير من الكلمات، فلا يسمعون القرآن كاملًا، وبالتالي لا يحصلون على أجر الختم. القراءة بالسُّنَّة قد تستغرق ساعة، بينما القراءة السريعة تستغرق ٤٠-٤٥ دقيقة فقط. لأجل ١٥-٢٠ دقيقة، نحرم أنفسنا من أجر عظيم، بل قد نقع في إساءة الأدب. هدفنا ليس عد الركعات أو الادعاء بأننا ختمنا القرآن، بل هدفنا الأجر. ولنحصل على الأجر، يجب أن نقرأ ونستمع إلى القرآن في التراويح كما علَّمنا رسول الله ﷺ.
في كلتا الحالتين، الأجر الكامل يكون بفهم معاني القرآن. للأسف، معظم المسلمين يعتبرون التلاوة دون فهم عبادة كاملة. القراءة دون فهم قد تعطينا بعض الأجر لتلاوة كلام الله، لكن الله لم ينزل القرآن لنقرأه دون فهم! فقد قال الله تعالى:
كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب." [ص: ٢٩]
يتبع...