تلاوة القرآن وقيام الليل في رمضان
فهم معاني القرآن، والتأمل فيه، ومناقشته هي عبادات بالغة الأهمية، وقد ورد في القرآن والسنة ذكر ثوابها المضاعف وبركتها وزيادة الإيمان. إذا أمكن، يجب ختم القرآن مرة واحدة على الأقل بتلاوة مصحوبة بفهم المعاني.
ومن لا يستطيع التلاوة، فليبدأ تعلمها في رمضان لأجل الله. في أوقات الفراغ، استمعوا إلى تسجيلات للتلاوة أو للتلاوة مع الشرح. كما أن هناك أجرًا عظيمًا في تلاوة القرآن، فإن هناك أجرًا مماثلاً في الاستماع إليه.
"من صلى قيام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه."
كان النبي ﷺ يصلي قيام الليل في رمضان وغيره من منتصف الليل حتى آخر الليل لمدة 4-5 ساعات، وكان يطيل القراءة والركوع والسجود حتى أن ركعتين أو أربع ركعات كانت تكفيه لهذه المدة الطويلة. عادةً كان يصلي 8-10 ركعات صلاة الليل، ثم يوتر بثلاث ركعات.
في رمضان، كان الصحابة يحبون الصلاة معه في جماعة، لكنه ﷺ نصحهم بالصلاة في البيوت خشية أن تُفرض عليهم صلاة الليل. وكان معظم الصحابة حفاظًا للقرآن كله أو أجزاء منه، فكانوا يصلون قيام رمضان في بيوتهم، خاصة في آخر الليل.
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، زاد عدد المسلمين من الجيل الثاني، ولم يكونوا حفاظًا للقرآن، فكانوا يحاولون الصلاة خلف الحفاظ. لذلك، بدأت تظهر جماعات صغيرة بعد صلاة العشاء في المسجد النبوي.
في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان يُصلَّى التراويح 8 ركعات و20 ركعة كما ورد في الأحاديث الصحيحة. بالإضافة إلى ذلك، تُشير أحاديث أخرى إلى أن الصحابة والتابعين كانوا يصلون التراويح جماعة من بعد العشاء حتى منتصف الليل أو آخره، وكانوا يقرؤون في كل ركعة جزءًا أو جزأين من القرآن.
من هذا يُفهم أن التراويح كانت تُصلَّى في البداية 8 ركعات، حيث كانوا يقرؤون في كل ركعة نصف جزء أو جزءًا كاملاً، ويقفون في الصلاة لمدة 5-6 ساعات من بعد العشاء حتى آخر الليل. لكن الوقوف لمدة نصف ساعة أو أكثر في كل ركعة كان متعبًا، فزادوا الركعات إلى 20 ركعة لتقليل التعب مع المحافظة على نفس المدة الطويلة للقيام.
فالسنَّة الأصلية في قيام الليل هي إطالة القراءة والوقوف في الصلاة. أما اليوم، فإن الكثيرين يهتمون بعدد الركعات وإنجازها بسرعة بدلاً من التدبر في التلاوة والاستماع للقرآن. بل إن بعضهم يكتفي بـ8 أو 10 ركعات ثم ينصرف، مع أن النبي ﷺ قال:
"من صلى مع الإمام حتى ينصرف كُتِب له قيام ليلة كاملة."
كان السلف الصالح يُصلُّون 4 ركعات في ساعة كاملة، ثم يستريحون قليلاً. أما اليوم، فنصلي 4 ركعات في 8-10 دقائق ثم نستريح! في وقت الاستراحة، يمكن للمصلي أن يذكر الله، يقرأ القرآن، أو يدعو بما شاء. لكن الدعاء الجماعي المتبع في بعض المجتمعات اليوم ليس له أصل في السنة ولا في كتب الفقه القديمة.
وضع بعض المتأخرين هذا الدعاء، ولا حرج في معناه، لكن البعض يظن أنه جزء من التراويح أو أن الصلاة لا تكتمل بدونه! بل إن بعض الناس يتخلفون عن التراويح لعدم حفظهم هذا الدعاء! كل هذه مفاهيم خاطئة. الأفضل في وقت الاستراحة هو التسبيح، التهليل، الأذكار النبوية، أو الصلاة على النبي ﷺ.
كان الصحابة والتابعون يختمون القرآن في صلاة التراويح كل ثلاثة أيام أو عشرة أيام، بينما نحن نجد صعوبة في ختمه مرة واحدة طوال رمضان! كانوا يقفون في الصلاة 5-6 ساعات، أما نحن فلا نطيق الوقوف ساعة واحدة! وإذا قرأ الإمام بطءًا وتجويدًا صحيحًا، نغضب! هل هناك جفاء مع القرآن أكثر من هذا؟
استمعوا إلى القرآن بخشوع، وصلوا مع الإمام حتى النهاية. نواكم مع الإمام، واستمتعوا بسماع القرآن كله بحب. الوقت يمر يا إخواني، ولعلنا لا نحظى بفرصة مثل هذه مرة أخرى. تقبل الله صيامنا وقيامنا، آمين.
بل إن كل صلاة وصيام وتراويح وقراءة قرآن وذكر وصَدقة يعملها أبناؤكم طوال حياتهم، تكتب لكم مثل أجورهم. أما إذا أهملتم تربيتهم فأصبحوا تاركين للصلاة أو الصوم، فستتحملون مثل أوزارهم.
أيها الحضور، الأبناء هم قرة أعيننا. فلنستفد من بركات رمضان ونشركهم فيه. لنشجعهم على الصيام، ونأخذ الأولاد من سن السابعة فما فوق إلى صلاة التراويح. لنربِّيهم على التقوى، فيكونوا سعادة لنا في الدنيا والآخرة. تقبل الله منا، آمين.