আস-সুন্নাহ ট্রাস্ট এ আপনাকে স্বাগতম

সাম্প্রতিক আপডেট

08/03/2025, 04:33:06 AM عربي

شهر محرم: صحيح الحديث والحديث المزيف

News Image

شهر محرم: صحيح الحديث والحديث المزيف

الدكتور خندكار عبد الله جاهنغير
أستاذ بقسم الحديث، الجامعة الإسلامية، كوشتيا
رئيس سابق، مؤسسة السنة

(أ) شهر المحرّم في ضوء الأحاديث الصحيحة

شهر المحرّم هو أول شهر في التقويم الهجري، ومن خلال الأحاديث الصحيحة نتعرّف على فضائل هذا الشهر كما يلي:

(١) من الأشهر الحرم الأربعة: المحرّم، رجب، ذو القعدة، وذو الحجة. وهذه الأشهر لها مكانة خاصة في الشريعة الإسلامية، وقد نهى الإسلام عن القتال أو الشجار فيها. قال الله تعالى:

{إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ...}
(سورة التوبة، الآية ٣٦)

(٢) في الحديث الصحيح، وُصِف شهر المحرّم بـ "شهر الله"، وقد ورد أنه أفضل صيام بعد رمضان. قال رسول الله ﷺ:

«أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم»
(رواه مسلم، ٢/٨٢١)

(٣) لصيام يوم عاشوراء (اليوم العاشر من المحرّم) فضل عظيم، فقد قال رسول الله ﷺ:

«يُكَفِّرُ السَّنَةَ الماضية»
(رواه مسلم، ٢/٨١٩)

وكان النبي ﷺ يصوم يوم عاشوراء، ويحثّ أمته على صيامه، كما شجّع على صيام يومٍ قبله (التاسع) أو بعده (الحادي عشر).
(انظر: ابن رجب، لطائف المعارف ١/٦٨-٧٦؛ عبد الحي اللكنوي، الآثار، ص. ٩١-٩٤)

(٤) ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الله تعالى نجّى نبيه موسى عليه السلام وقومه من فرعون في هذا اليوم، وأهلك فرعون وقومه بالغرق.
(رواه البخاري، ٢/٧٠٤، ٣/١٢٤٤؛ ومسلم، ٢/٧٩٦)

لا نعلم عن شهر المحرم ويوم عاشوراء إلا ما ورد في الأحاديث الصحيحة. ثم ظهرت بعد ذلك روايات كثيرة موضوعة ومكذوبة في هذا الشأن. وهنا نقطتان جديرتان بالملاحظة:
أولاً: كان اليهود يعظّمون هذا اليوم، ولذلك انتشرت بينهم كثير من الأساطير والقصص الخرافية عن هذا اليوم، ثم دخلت تلك الروايات إلى المجتمع الإسلامي على هيئة "إسرائيليات". وكان المسلمون في القرون الأولى يروونها على أنها من الإسرائيليات دون الجزم بصحتها أو بطلانها. لكن في العصور المتأخرة تحولت إلى "أحاديث".

ثانيًا: بعد نحو نصف قرن من وفاة النبي ﷺ، استشهد حفيده الحسين رضي الله عنه يوم عاشوراء من سنة 61 هـ في كربلاء. وقد أثّر هذا الحدث في الأمة الإسلامية تأثيرًا دائمًا. فقام بعض الناس ضعيفي الإيمان ومن كلا الطرفين (أنصار الحسين وأعدائه) باختلاق أحاديث عديدة في فضل هذا اليوم. فبعضهم جعله يوم حزن، وبعضهم جعله يوم فرح ونصر. لكن اكتشاف هذه التزويرات كان سهلًا بفضل منهج المحدثين في التحقيق.

يمكن تقسيم هذه الأقوال المنتشرة إلى قسمين:
(1) أحاديث اعتبرها بعض المحدثين موضوعة، لكن بعضهم قبلها على أنها ضعيفة، وهي في الغالب من أقوال بعض الصحابة أو التابعين بأسانيد ضعيفة جدًا، وقد تكون مبنية على الإسرائيليات.
(2) أحاديث اتفق عليها جميع المحدثين بأنها موضوعة وباطلة.

وسنذكر هنا بعض الأحاديث والآراء التي تقع ضمن القسم الأول.

١. رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ شَدِيدَةِ الضَّعْفِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى قَبِلَ تَوْبَةَ آدَمَ  فِي هَذَا الْيَوْمِ.

٢. رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ غَيْرِ مُعْتَمَدَةٍ أَنَّ سَفِينَةَ نُوحٍ  رَسَتْ عَلَى جَبَلِ الْجُودِيِّ فِي هَذَا الْيَوْمِ.

٣. رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ غَيْرِ ثَابِتَةٍ أَنَّ عِيسَى  وُلِدَ فِي هَذَا الْيَوْمِ.

٤. كُلُّ مَا يُقَالُ عَنِ الصَّدَقَاتِ وَالْإِنْفَاقِ فِي شَهْرِ مُحَرَّمٍ أَوْ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَهُوَ مَوْضُوعٌ وَبَاطِلٌ، وَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ شَيْءٌ فِي هَذَا الشَّأْنِ. وَلَكِنْ قَدْ رُوِيَ مِنْ طَرِيقٍ شَدِيدِ الضَّعْفِ عَنْ صَحَابِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ صَوْمُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ يُكَفِّرُ سَنَةً، فَإِنَّ التَّصَدُّقَ فِيهِ قَدْ يُؤْجَرُ بِأَجْرِ سَنَةٍ أَيْضًا. وَسِوَى هَذَا فَكُلُّ مَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ كَذِبٌ وَبَاطِلٌ.
📚 (ابن رجب، لطائف المعارف ١/٧٨؛ عبد الحي اللكنوي، الآثار، ص. ٩٥-٩٦)

٥. التَّوْسِعَةُ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَلْبَسِ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثٍ:
مَنْ وَسَّعَ عَلَى عِيَالِهِ فِيْ يَوْمِ عَاشُوْرَاءَ، وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ فِيْ سَنَتِهِ كُلِّهَا
وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ.

٦. الاكْتِحالُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ: ورد حديثٌ فيه:
مَنِ اكْتَحَلَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ بِالإِثْمِدِ، لَمْ تَرْمُدْ عَيْنُهُ أَبَداً

هذا الحديث رُوِيَ بأسانيدَ متعددة، وفي كلّ إسنادٍ منها راوٍ شديدُ الضعف أو كذّاب. وقد اعتبر بعضُ المحدّثين الحديثَ "ضعيفاً" بسبب تعدّد طرقه، لكن جمهورَ أهل الحديث حكَموا عليه بأنه موضوعٌ ومكذوب. وقالوا إنّ الذين قتلوا الإمام الحسين هم الذين ابتدَعوا الاكتحالَ يوم عاشوراء، فهذه بدعةٌ منهم، وقد نسبوا إليها حديثاً مكذوباً، وربما رواه بعضُ الضعفاء غفلةً.
المراجع:
(ابن الجوزي، الموضوعات ٢/١١٦؛ السيوطي، اللآلئ ٢/٢١١؛ السخاوي، المقاصد، ص ٤٠١؛ ابن عراق، تنزيه ٢/١٥٧؛ ابن رجب، لطائف ١/٧٩؛ الملا علي القاري، الأسرار، ص ٢٢٢؛ مسنون، ص ١٤١؛ الشوكاني، الفوائد ١/١٣١—١٣٢؛ عبد الحي اللكنوي، الآثار، ص ١٠٠—١٠٢)

(ج) الأكاذيب والخرافات المتعلقة بشهر المحرّم

بعض المحدثين حكموا على ما ذُكر أعلاه بأنه موضوع، بينما اعتبره آخرون ضعيفاً. وأما ما سيأتي ذكره، فقد اتفق جميع المحدثين على أنه موضوع بلا خلاف. ويمكننا تقسيم هذه الأكاذيب إلى ثلاثة أقسام:

  1. الأحاديث الموضوعة في فضل صيام يوم عاشوراء أو شهر المحرّم.

  2. الأحاديث الموضوعة في فضل صلوات مخصوصة ليوم أو ليلة عاشوراء أو لشهر المحرّم.

  3. الأحاديث الموضوعة التي تدّعي وقوع حوادث عظيمة في يوم عاشوراء في الماضي أو أنها ستقع في المستقبل.

    ١. صيام محرّم أو عاشوراء

    لقد ثبت في الحديث الصحيح أن صيام يوم عاشوراء يكفّر ذنوب السنة الماضية. ولكن الوضّاعين اختلقوا أحاديث أخرى كثيرة في هذا الشأن. نقتبس هنا من كتاب منتشر ما يلي:

    «في الحديث: من صام في شهر محرّم، أعطاه الله تعالى عن كل يوم صامه ثواب ثلاثين يوماً.
    وفي حديث آخر: من صام يوم عاشوراء، أعطاه الله ثواب عشرة آلاف مَلَك، وعشرة آلاف شهيد، وعشرة آلاف حاج.
    وفي حديث آخر: من مسح برأس يتيم في يوم عاشوراء بمحبة ورحمة، أعطاه الله بكل شعرة على رأس اليتيم باباً من أبواب الجنة.
    ومن أطعم صائماً أو أفطره في مساء عاشوراء، نال ثواب من أطعم وفطر جميع أمة محمد ﷺ.
    وقال النبي ﷺ أيضاً: من صام يوم عاشوراء، فله أجر كصيام وصلاة ستين سنة.
    ومن عاد مريضاً في هذا اليوم، فكأنما عاد مرضى بني آدم جميعاً.
    وتُرفع الضيقة عن أهل بيته، وتُكفّر ذنوبه لأربعين سنة… (حديث)»

    (المصدر: المَقْصُودُ لِلمُؤْمِنِينَ، ص ٤٣٠–٤٣١. وأيضاً: مفتی حبيب صمداني، "فضل بارہ چاند"، ص ١٣؛ الأستاذة كامرون نِسا دُلال، ص ٢٩٨–٣٠٠)

    قولٌ مكذوب آخر:

    «قال رسول الله ﷺ: من صام الأيام العشرة الأولى من شهر الله المحرّم، فكأنما صام نهار عشرة آلاف سنة، وقام لياليها. … ومن عبد الله في شهر المحرّم فكأنما نال فضل عبادة ليلة القدر. … أكرموا شهر الله المحرّم الذي يحبه الله تعالى. من يكرم شهر الله المحرّم، يكرمه الله في الجنة ويقيه من عذاب النار. … وكان صوم يوم العاشر من المحرّم مفروضاً على آدم عليه السلام والأنبياء من بعده. وفي هذا اليوم وُلد ألفا نبيّ، واستُجيبت دعوة ألفي نبيّ …»

    (المصدر: مفتي حبيب صمداني، فضل بارہ چاند، ص ١٣)

    وقد اتفق المحدثون أن هذه كلها أحاديث موضوعة وباطلة.

    (انظر: ابن الجوزي، الموضوعات ٢/١١٢–١١٧؛ السيوطي، اللآلئ المصنوعة ٢/١٠٨–١٠٩؛ ابن عراق، تنزيه الشريعة ٢/١٤٩–١٥١؛ الملا علي القاري، الأسرار المرفوعة، ص ٢٩٤؛ الشوكاني، الفوائد المجموعة ١/١٢٩–١٣٠؛ عبد الحي اللكنوي، الآثار المرفوعة، ص ٩٤–٩٥)

    ٢. صلاة شهر المحرّم

    لم يرد في أيّ حديث نبويّ صحيح أو ضعيف أيّ توجيه أو ترغيب لأداء صلاةٍ خاصّة في أيّ يوم أو ليلة من شهر المحرّم، ولا في يوم عاشوراء أو ليلته. فجميع ما ورد في هذا الباب من الروايات كلّه مختلقٌ ومكذوب.

    وقد جاء في بعض الكتب المنتشرة في بلادنا أن من المستحب أداء ركعتين من الصلاة في اليوم الأول من شهر المحرّم، مع دعاء مخصوص وفضل مخصوص لذلك. وكل هذه الأقوال مختلقة ولا أصل لها في الشريعة.

    (المصدر: مفتي حبيب صمداني، فضل بارہ چاند، ص ١١–١٢؛ الأستاذة كامرون نيسا دلال، نيك قانون، ص ٢٩٨)

    ٣. الصلاة الخاصّة في يوم أو ليلة عاشوراء

    مع أنّ الأحاديث قد وردت بالترغيب في صيام يوم عاشوراء، إلا أنّه لم يرد في أيّ حديث نبويّ صحيحٍ أو ضعيفٍ تشريعٌ لصلاةٍ خاصّة تُؤدّى في يوم عاشوراء أو ليلته. ولكنّ الكذّابين اختلقوا أحاديث كثيرة في هذا الباب.

    مثلاً، قالوا: من صلّى بين الظهر والعصر في يوم عاشوراء كذا وكذا ركعة، أو من صلّى في ليلة عاشوراء كذا وكذا ركعة وقرأ فيها سوراً مخصوصة بعددٍ مخصوص، فله من الأجر كذا وكذا...

    وقد اختلق الكذّابون هذه الأحاديث لكسب قلوب المسلمين البسطاء، وقد خدعوا بها كثيراً من العلماء والصلحاء الذين لا يتثبّتون من الأحاديث.

    (انظر: ابن الجوزي، الموضوعات ٢/٤٥–٤٦؛ السيوطي، اللآلئ المصنوعة ٢/٥٤؛ ابن عراق، تنزيه الشريعة ٢/٨٩؛ الشوكاني، الفوائد المجموعة ١/٧٣؛ عبد الحيّ اللكنوي، الآثار المرفوعة، ص ٩٠، ١١٠–١١١)

    ٤. قائمة مختلقة من الأحداث الماضية والمستقبلية في يوم عاشوراء

    لقد افتَرَى الكذّابون على رسول الله ﷺ وقالوا:

    ١. في يوم عاشوراء خلق الله السماوات والأرض.
    ٢. في هذا اليوم خلق الجبال والأنهار...
    ٣. في هذا اليوم خلق القلم.
    ٤. في هذا اليوم خلق اللوح المحفوظ.
    ٥. في هذا اليوم خلق العرش.
    ٦. في هذا اليوم استوى على العرش.
    ٧. في هذا اليوم خلق الكرسي.
    ٨. في هذا اليوم خلق الجنة.
    ٩. في هذا اليوم خلق جبريل عليه السلام.
    ١٠. في هذا اليوم خلق الملائكة.
    ١١. في هذا اليوم خلق آدم عليه السلام.
    ١٢. في هذا اليوم أدخل آدم الجنة.
    ١٣. في هذا اليوم رفع إدريس عليه السلام إلى السماء.
    ١٤. في هذا اليوم أنزل نوح عليه السلام من السفينة.
    ١٥. في هذا اليوم قَبِل الله توبة داود عليه السلام.
    ١٦. في هذا اليوم أعطى سليمان عليه السلام الملك.
    ١٧. في هذا اليوم كشف البلاء عن أيوب عليه السلام.
    ١٨. في هذا اليوم أُنزلت التوراة.
    ١٩. في هذا اليوم وُلد إبراهيم عليه السلام... ونال لقب "خليل".
    ٢٠. في هذا اليوم نجا إبراهيم عليه السلام من نار نمرود.
    ٢١. في هذا اليوم فُدي إسماعيل عليه السلام.
    ٢٢. في هذا اليوم خرج يونس عليه السلام من بطن الحوت.
    ٢٣. في هذا اليوم أخرج الله يوسف عليه السلام من السجن.
    ٢٤. في هذا اليوم رد الله البصر إلى يعقوب عليه السلام.
    ٢٥. في هذا اليوم اجتمع يعقوب عليه السلام مع يوسف عليه السلام.
    ٢٦. في هذا اليوم وُلد محمد ﷺ.
    ٢٧. في هذا اليوم ستقع القيامة...

    بعض الناس افتَرَوا وقالوا: في الثاني من شهر المحرّم نُوح عليه السلام نَجا من الطوفان، وفي الثالث رُفِع إدريس عليه السلام إلى السماء، وفي الرابع أُلقي إبراهيم عليه السلام في النار، وهكذا.

    وقد أوردَ المُزَيِّفون هذه القصص الكثيرة في هذا الشهر أو في هذا اليوم، مدّعين وقوعها أو وقوع أحداث أخرى فيه. والواقع أنَّ الأمر الصحيح الوحيد الذي ثبت عن النبي ﷺ بالأحاديث الصحيحة في يوم عاشوراء هو نجاة موسى عليه السلام وقومه فقط. أمّا قبول توبة آدم عليه السلام، ووقوف سفينة نوح على جبل جودي، ومولد عيسى عليه السلام، فقد رُوِيَت هذه الأخبار بأسانيد غير موثوقة عن بعض الصحابة والتابعين.

    كل ما يُقال عن عاشوراء أو المحرّم من هذا النوع هو كذب وباطل. والأمر المؤسف أنَّ كتب هذا الشهر وعاشوراء، والمناقشات والوعظ في مجتمعاتنا تذكر هذه الأقوال الضعيفة والموضوعة دون دليل.

    ((انظر: ابن الجوزي، المداولات ٢/١١٢–١١٧؛ ابن القيم، المنار، ص ٥٢؛ الذهبي، ميزان الاعتدال ٢/١٩٠؛ ابن حجر، لسان الميزان ٢/١٦٩؛ السيوطي، اللآلئ ٢/١٠٨–١٠٩؛ ابن عرق، التنزيه ٢/١٤٩؛ مولى كاري، الأسرار، ص ٣٠٠؛ عبد الحي لخنبي، الأسر، ص ٩٤–٩٧؛ الدراويش هوت، أسنل مطالب، ص ٢٧٧–٢٧٨؛ الأزلي، كشف الخفا ٢/٥٥٧.))

    ٢. شهر صفر
    من خلال المناقشة السابقة، تبين لنا أنه لا توجد صلاة مخصوصة لشهر المحرّم، لكن هناك حديث شريف يذكر صياماً خاصاً لهذا الشهر وله أجر وثواب عظيم. أما بالنسبة لشهر صفر فلا توجد صلاة مخصوصة ولا صيام مخصوص له. ولم يُرد في أي حديث صحيح فضل أو أجر خاص لصلاة في أي يوم أو ليلة من هذا الشهر. وكذلك لم يُثبت في الأحاديث فضل خاص لصيام في أي يوم من أيام هذا الشهر. وكل ما يُقال في هذا الشأن هو من الأكاذيب والادعاءات الباطلة.

    كما انتشرت في المجتمع المسلم كثير من الأقوال الكاذبة والموضوعة عن هذا الشهر، ويمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:
    أولاً: ما يتعلق بـ "الشؤم" و"النكبات" لشهر صفر،
    ثانياً: الصلاة الخاصة في أول يوم من صفر أو في أوقات أخرى،
    وثالثاً: ما يُقال عن آخر أربعاء من صفر أو ما يُعرف بـ "آخرى چهار شمبه".

    (أ) سوء الطالع في شهر صفر والمصائب فيه
    اعتقاد أن مكانًا أو زمانًا أو شيئًا أو عملًا يحمل سوء الطالع أو نحسًا أو جلب للمصائب هو خرافة تتعارض بشدة مع العقيدة الإسلامية. سنتناول هذا الموضوع بالتفصيل لاحقًا إن شاء الله. ومن الجدير بالذكر أن العرب قبل الإسلام كانوا يعتقدون أن شهر صفر شهر نحس ومليء بالمصائب. وقد رد رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه الخرافات قائلاً:
    لا طيرة، ولا هامة، ولا صفر
    "... لا يوجد نحس، ولا أرواح شريرة، ولا نحس في شهر صفر..."
    ((البخاري، الصحيح ٥/٢١٥٨، ٢١٦١، ٢١٧١، ٢١٧٧؛ مسلم، الصحيح ٤/١٧٤٢—١٧٤٥))

    ومع ذلك، لا تزال هذه الخرافات من العصور السابقة قائمة بين كثير من المسلمين. وقد اختلق المزيفون كلاماً ملفقاً باسم الحديث لإثارة هذه الخرافات في المجتمع. ومن هذه الأكاذيب المزيفة: أن هذا الشهر هو شهر البلايا والمصائب، وأن في هذا الشهر نزلت آلاف البلايا… وأن آدم أكل من الشجرة في هذا الشهر، وأن هابيل قُتل فيه، وأن قوم نوح هلكوا فيه، وأن إبراهيم عليه السلام أُلقِيَ في النار فيه… وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحزن لقدوم هذا الشهر، وكان يفرح بزواله… وكان يقول:

    مَنْ بَشَّرَنِيْ بِخُرُوْجِ صَفَرٍ بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ (بِدُخُوْلِ الْجَنَّةِ)
    "من بشرني بخروج صفر بشّرته بالجنة"

    … والعديد من الأقوال الأخرى التي اختلقوها. وقد صدّقهم كثير من العلماء السذج. ويتفق المحدثون على أن كل هذه الأقوال بشأن نحس شهر صفر والمصائب فيه هي أكاذيب لا أساس لها.
    ((الساگاني، المواعظ، ص. 61؛ الملا كاري، الأسرار، ص. 225؛ الطاهري البتني، التذكرة، ص. 116؛ الأزْلوني، كشف الخفاء 2/309؛ الشوكاني، الفوائد 2/539؛ نظام الدين أولياء، راحة المحبين، ص. 101؛ راحة القلوب، ص. 138))


কপিরাইট স্বত্ব © ২০২৫ আস-সুন্নাহ ট্রাস্ট - সর্ব স্বত্ব সংরক্ষিত| Design & Developed By Biz IT BD