العلم والتعليم ومحو الأمية
اليوم هو أول جمعة من شهر ربيع الآخر من العام الهجري ……، وسنتحدث اليوم عن العلم والتعليم ومحو الأمية، إن شاء الله. ولكن قبل ذلك نشير باختصار إلى الأيام الوطنية والدولية لهذا الأسبوع.
لقد أولى الإسلام أهمية عظمى للعلم والتعليم والمعرفة، وجعل ذلك فرضًا عينيًا على كل مؤمن ومؤمنة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ»
[ابن ماجه، السنن 1/81؛ الألباني: صحيح سنن ابن ماجه 1/296، والحديث صحيح].
وفي الثناء على العلماء قال الله تعالى:
﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ. وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ ۗ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾
[سورة فاطر: 27-28].
في هذه الآية أثنى الله على العلماء بأنهم هم الذين يخشونه حق الخشية. كما نرى أن العلم قد رُبط هنا بسنن الخلق وتنوع الكائنات، مما يدل على أن جميع فروع المعرفة، ومنها العلوم الطبيعية، هي علوم مشروعة ومحمودة في نظر الإسلام.
وبناءً على مثل هذه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية، قرر العلماء أن جميع أنواع التعليم النافع للإنسان هي تعليم إسلامي. فاللغات والآداب والطب والكيمياء وعلم الأحياء والرياضيات والجغرافيا وغيرها من العلوم، كلها داخلة في دائرة التعلم الذي يحث عليه الإسلام. وتخريج العدد الكافي من المتخصصين في كل مجال هو فرض كفاية على الأمة الإسلامية.
أما الفرض العيني على كل مسلم، فهو تحصيل العلم الشرعي الضروري لحفظ الإيمان والإسلام، ولأداء جميع العبادات والمعاملات على الوجه المشروع. ثم بعد ذلك يتخصص المسلم فيما يحتاج إليه هو ومجتمعه من فروع المعرفة.
ولا يقتصر التعلم على القراءة والكتابة، بل قد يكون عن طريق السمع والبصر أيضًا، إلا أن القراءة والكتابة تبقى الأساس الطبيعي لاكتساب العلم. لذلك جعل الله تعالى "القلم" أداة العلم الأولى، فقال:
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾
[سورة العلق: 1-4].
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يولِي أهمية كبرى لمحو الأمية والتعليم. ففي غزوة بدر أُسر بعض مقاتلي الكفار ممن كانوا يعرفون القراءة والكتابة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم فداءهم أن يقوم كل واحد منهم بتعليم عدد من أبناء المسلمين القراءة والكتابة.
[الإمام أحمد، المسند 4/47؛ د. مهدي رزق الله، السيرة النبوية، صـ 359. والحديث إسناده صحيح].
ومن هذه الآية نفهم أن مبدأ التعلّم يجب أن يكون «باسم الرب». أي أن جميع فروع المعرفة ينبغي أن تكون قائمة على الإيمان بالخالق العظيم وخدمة مصلحة الخلق. وقد أجمع التربويون وعلماء النفس المعاصرون على أنه ما لم تُغرس القيم الأخلاقية والإيمان في قلوب المتعلمين، فلن يكون بالإمكان أبدًا إنشاء مجتمع خالٍ من الفساد والأنانية والصراع.
ولهذا السبب أعطى الإسلام أعلى مرتبة لإتقان العلوم الدينية من بين جميع فروع المعرفة. فهذا العلم يمنح الإنسان كمالًا في الإيمان والعمل، كما يمنحه القدرة على غرس الإيمان والعمل والصدق والإنسانية في المجتمع.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»
[البخاري، الصحيح 1/37؛ مسلم، الصحيح 2/718-719].
إن تحصيل العلم الصحيح بالدين هو أول فرض على المؤمن. قال الله تعالى:
﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ﴾
[سورة محمد: 19].
ومن هذه الآية نفهم أن العلم فُرض قبل الإيمان، إذ يجب أن نعرف أولًا كيف نؤمن وكيف يكون الإيمان صحيحًا. وكذلك فإن نجاح الأعمال وقبولها مرتبط بصحة العلم فيها. لذلك، فإن طلب العلم الشرعي الضروري فرض على كل مسلم.
وحتى إن لم يكن التعليم النظامي ممكنًا، فلا بد من أداء هذا الفرض عن طريق القراءة الفردية أو الاستماع. وطلب العلم عبادة عظيمة، بل بعد الإيمان، العلم هو الوسيلة الأولى لرفع الدرجات عند الله.
قال الله تعالى:
﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾
[سورة المجادلة: 11].
وثواب طلب العلم ومكانته عند الله أعظم من ثواب سائر العبادات. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«فَضْلُ الْعِلْمِ خَيْرٌ مِنْ فَضْلِ الْعِبَادَةِ»
[الحاكم، المستدرك 1/171؛ الهيثمي، مجمع الزوائد 1/120؛ الألباني، صحيح الترغيب 1/16، والحديث صحيح].
بل إن المشي في طريق طلب العلم أو تحمل المشقة في سبيله هو عبادة أيضًا، وله مكانة عظيمة عند الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ، حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ»
كما أن للقمر مكانة فوق الكواكب والنجوم، فكذلك مكانة العالِم فوق العابدين المنقطعين للعبادة. إن العلماء هم ورثة الأنبياء، والأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ بالعلم فقد أخذ بحظٍ وافر من ميراثهم. [البخاري، الصحيح ١/٣٧؛ مسلم، الصحيح ٤/٢٠٧٤؛ الترمذي، السنن ٥/٢٨، ٤٨؛ ابن ماجه، السنن ١/٨١-٨٢. والحديث حسن].
وربما يظن بعضنا أن هذه المنزلة العظيمة خاصة بالذين يدرسون في المدارس الشرعية أو يتعلمون العلم بصورة مؤسسية، لكن الأمر ليس كذلك. فكل مؤمن في أي عمر إذا قصد التعلُّم في الوعظ أو في المسجد أو في خطبة الجمعة، أو سأل العلماء، أو قرأ الكتب، أو تعلم بأي وسيلة من وسائل العلم، فإنه ينال هذه المنزلة والأجر.
وقد ورد في أحاديث متعددة أن من ذهب إلى المسجد لطلب العلم أو إلى أحد العلماء فإنه ينال الأجر والمنزلة نفسها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَنْ غَدَا إِلَى الْمَسْجِدِ لاَ يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يَتَعَلَّمَ خَيْرًا أَوْ يُعَلِّمَهُ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ حَاجٍّ تَامًّا حَجَّتُهُ
[المنذري، الترغيب ١/٥٩؛ الهيثمي، مجمع الزوائد ١/١٢٣؛ الألباني، صحيح الترغيب ١/٢٠. والحديث حسن].
وقال أيضًا:
مَنْ جَاءَ مَسْجِدِي هَذَا لَمْ يَأْتِهِ إِلَّا لِخَيْرٍ يَتَعَلَّمُهُ أَوْ يُعَلِّمُهُ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
[ابن ماجه، السنن ١/٨٢؛ الألباني، صحيح الترغيب ١/٢٠. والحديث صحيح].
وقال لأبي ذر رضي الله عنه:
يَا أَبَا ذَرٍّ، لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَتَعَلَّمَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ
[ابن ماجه، السنن ١/٧٩؛ المنذري، الترغيب ١/٥٤، ٢/٢٣٢. وقال المنذري: الحديث حسن].
وقد علمنا أن الله تعالى جعل العلم بعد الإيمان مصدرًا للرفعة والكرامة. وفي الحديث الشريف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن جميع الخلائق يدعون للعالِم والمعلم. وعلى جميع المؤمنين أن يوقروا العلماء ويكرموهم.
قال صلى الله عليه وسلم:
لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ
[أحمد، المسند ٥/٣٢٣؛ الحاكم، المستدرك ١/٢١١؛ الهيثمي، مجمع الزوائد ١/١٢٧، ٨/١٤. والحديث حسن].
وجميع أعمالنا الصالحة في الدنيا لها فضل وأجر، غير أن لطلب العلم ميزتين عظيمتين: الأولى أن الأجر يتضاعف إذا علَّم غيره، والثانية أن أجر العلم يستمر بعد الموت. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَنْ عَلَّمَ عِلْمًا فَلَهُ أَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الْعَامِلِ شَيْئًا
[ابن ماجه، السنن ١/٨٨؛ الألباني، صحيح الترغيب ١/١٩. والحديث حسن].
وجميع أعمال العبد تنقطع بموته إلا ما استثناه الشرع، فقد قال صلى الله عليه وسلم:
إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ
[مسلم، الصحيح ٣/١٢٥٥].
إن تعلُّم العلم الديني الضروري للنفس فرض عين، وكذلك تعليم الوالدين أبناءهم العلم الديني الضروري فرض عين عليهم. ولأجل ذلك فإن أفضل وسيلة أن يجعل المرء ابنه عالِمًا.
كثيرًا ما نفتخر في الدنيا فنقول: لست متعلمًا، ولكن أولادي الخمسة جميعهم قد نالوا شهادة الماجستير. أمّا يوم القيامة فسيكون فخر كثير منا: لم أكن عالِمًا، لكن أولادي الخمسة جميعهم علماء. أيها الإخوة، أليس فخر الآخرة الأبدي أعظم من فخر الدنيا الزائل؟
أيام الاستعمار البريطاني أُشيعت دعاية كاذبة في مجتمعنا أن العلم الديني علم الفقراء، أو أن من يدرس في المدارس الدينية لا ينال ترقّيًا دنيويًا. وليس في الدنيا دعاية أكذب من هذه! فإن أكثر من يدخل المدارس والجامعات لا يتمكّن من إكمال الدراسات العليا، ومن يتمكّن فإن كثيرًا منهم يبقون بلا عمل أو لا يجدون وظيفة مناسبة. ومع ذلك نجد في المجتمع آلاف العلماء والأساتذة والأطباء والمحامين والموظفين الكبار والمحدّثين والمعلمين يعيشون بكرامة وسلام.
فترقي المرء في الدنيا إنما يتوقف على ذكائه وكفاءته والبيئة المحيطة به، فمن كان ذا كفاءة فسواء درس في مدرسة أو في مدرسة دينية فإنه سيبلغ المكانة المرموقة. ولكن أيها الإخوة، أيليق بالمسلم أن يترك فرصة أن يكون أبًا لعالم، أو أن ينال دعاء الابن الصالح، من أجل متاع دنيوي زائل قليل؟ أتريد أن تعرّض نفسك لخطر أن تدفع بولدك إلى النار وتذهب أنت أيضًا إليها؟
إن التعليم العام ليس ممنوعًا، ولكن في العلم الديني لك ولولدك فضل أعظم وضمانة للنجاة. فإن أردت أن تعلّم ولدك التعليم العام فلا بد أولًا أن تعلّمه العلم الديني الضروري، فهذا فرض عين عليك. فعليك أن تُدخله بعض الصفوف في المدارس الدينية أو الكتاتيب قبل إدخاله في التعليم العام.
وكثيرًا ما نأتي بمعلّم خاص في البيت لتعليم القرآن والعلم الديني، لكن لقلّة الاهتمام، وفقدان الرفقة في التعلّم، وضغط الدروس المدرسية، لا يظهر في أولادنا أثر يُذكر من الناحية العلمية أو العملية الدينية.
فلذلك لا بد أن نرسل أولادنا إلى المدارس الدينية أو الكتاتيب ولو لبعض الصفوف، ثم نوجّههم إلى التعليم العام. على الأقل ليعيشوا كمسلمين حقيقيين، وليكونوا أبناءً صالحين يدعون لكم، ولتكونوا معهم في الجنة يوم القيامة. أما إن قصّرتم فصار أولادكم تاركين للصلاة أو عصاة، فإنكم تتحملون وزر ذنوبهم مدى حياتهم. وإن كنتم أنتم صالحين فإنكم تذهبون إلى النار معهم بسبب ذنوبهم.
أيها الإخوة، عدم تعليم الأولاد العلم الديني لا يضرّ في الآخرة فقط، بل في الدنيا كذلك. فالولد الذي لم يُعلَّم دينه لا يحفظ حقوق والديه ولا يُحسن الأدب معهم، ويصير في آخر حياتكم سببًا لشدة العناء.
إن المصدر الأصيل للعلم الإسلامي هو القرآن والحديث، فواجب على كل مسلم أن يقرأ القرآن وأن يفهم معناه، فهو كتاب لكل المسلمين لقراءته في كل وقت. والقراءة الحقيقية هي القراءة مع الفهم. وقد أمر الله في كتابه مرارًا أن نقرأ القرآن بتدبر ونتعظ به.
فمن لا يفهم العربية عليه أن يقرأ ترجمات القرآن الموثوقة التي ألّفها العلماء الثقات، أو يقرأ شروحهم. وليحرص أن يختم القرآن مع الترجمة مرة واحدة كل عام على الأقل. سترى أن حياتك تغيّرت وأن نور القرآن دخل قلبك.
ومع قراءة القرآن، على المسلم أن يكثر من قراءة كتب الحديث الصحيحة ليعرف سنّة رسول الله ﷺ ويلتزم بها. ومن رحمة الله أن كتب الحديث الموثوقة، كالسِّتة، قد تُرجمت إلى البنغالية. فإن لم تستطع شراء الكتب الكبيرة، فاشتر على الأقل ترجمة كتاب «رياض الصالحين» للإمام النووي، وداوم على قراءته.
ومن يقرأ الحديث فكأنه في صحبة رسول الله ﷺ، فلا تحرم نفسك من صحبته. لكن إيّاك أن تظن نفسك عالمًا بمجرد قراءة ترجمات القرآن والحديث أو أن تتجاسر على نقد العلماء. بل اقرأها لإصلاح نفسك ونيل نور الوحي. أما العلم الكامل فلا يُنال إلا بالتلقّي عن العلماء الثقات المتخصصين.
واحذر من الذين يعظون الناس بالأحاديث الموضوعة أو القصص الخرافية، فالتزم بالعلماء الذين يُدرّسون القرآن والحديث الصحيح.
وقد قال رسول الله ﷺ:
«سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أُنَاسٌ مِنْ أُمَّتِي يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» [رواه مسلم].
فإذا سمعت حديثًا ولم تتيقّن من صحته، فلا تجادل الناس بل تحقق من مصدره وإسناده، فإن كان صحيحًا فاقبله، وإن لم يكن فدعه. فقد قال الفقهاء: لا يجوز رواية حديث إلا بذكر مصدره وكتابه.
فإن أكثر أسباب الفتن والخرافات والبدع والشرك في الأمة هو الأحاديث الموضوعة. وقد حذّر النبي ﷺ فقال:
«كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» [رواه مسلم].
وقال ﷺ:
«مَنْ حَدَّثَ عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ» [رواه مسلم].
وقال ﷺ:
«مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» [رواه البخاري].
نسأل الله أن يوفّقنا للتمسك بكتابه وسنة نبيه ﷺ. آمين.
📖 (خطبـات الإسلام، د. خوندكار عبد الله جاهانغير، صـ 127)