আস-সুন্নাহ ট্রাস্ট এ আপনাকে স্বাগতম

সাম্প্রতিক আপডেট

08/03/2025, 03:40:10 AM عربي

خطبة الجمعة في ضوء السنة: دراسة حديثية فقهية

News Image

 خطبة الجمعة في ضوء السنة: دراسة حديثية فقهية

   

د. خوندكار أبو نصر محمد عبد الله جهانغير

أستاذ مشارك

قسم الحديث والدراسات الإسلامية

الجامعة الإسلامية، كوشتيا، بنغلاديش.

 


1- تمهيد

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وأصحابه أجمعين. إن الإسلام قد نظم حياة الإنسان ليعيش في مجتمعه مترابطا مع الآخرين ومتفاعلاً معهم. وقد شرع أحكاما عديدة من أجل ذلك. ومن أهم تلك الأحكام أداء صلاة الجمعة في المسجد الجامع والاستماع إلى الخطبة. ولا يخفى أن الاستماع إلى خطبة الإمام وموعظته من أهم أسباب التفاعل مع المجتمع، ولتجديد مشاعر الإيمان والعمل الصالح. وللخطبة أحكام كثيرة متعلقة بالخطيب والمستمعين. وفي هذا المقال نحاول أن ندرس هدي النبي r وتوجيهاته في هذا الخصوص، وآراء الفقهاء في أحكامها المتنوعة.

2- أهمية الخطبة في ضوء القرآن الكريم:

فرض الله تعالى على المؤمنين السعي إلى ذكر الله يوم الجمعة، فقال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"[1]. وهذا الذكر الذي أمر المؤمنون بالسعي إليه هو تذكير الإمام وخطبته وموعظته. وبهذا فسر أكثر المفسرين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، فقالوا إن المراد بالذكر هنا هو موعظة الإمام وتذكيره[2].

بل هو تفسير النبي r. فعن أبي هريرة t  قال: قال النبي r إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الأول فالأول ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ثم كالذي يهدي بقرة ثم كبشا ثم دجاجة ثم بيضة فإذا خرج الإمام طووا صحفهم ويستمعون الذكر، وفي اللفظ الثاني: فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر[3].

هكذا نرى النبي r يسمي الخطبة ذكراً. وسنرى أحاديث أخرى سمى فيها النبي r الخطبة ذكراً.

فليس المقصود من صلاة الجمعة أداء الركعتين فحسب. بل المقصود أن يستمع المسلمون إلى مواعظ الإمام وتوجيهاته فيشحذوا هممهم ويوقظوا عزائمهم ويعرفوا واجبهم في ظروفهم الراهنة. فخطبة الجمعة هي أهم أركان صلاة الجمعة في ضوء هذه الآية الكريمة. وقد بين لنا رسول الله r بهديه الشريف واجبات الخطيب وآدابه، كما وجه المصلين المستمعين إلى واجباتهم تجاه الخطبة والخطيب.

3- توجيهات المصطفى r للمأمومين في واجبهم نحو الخطبة:

وقد رأينا أن الاستماع إلى تذكير الإمام ووعظه هو أهم واجبات صلاة الجمعة. ومن هنا وجه رسول الله r الأمة إلى أعمال ييسر لهم هذا الواجب. ومنها التبكير إلى الجمعة والدنو من الإمام والاستماع والإنصات.

3. 1. التبكير

جاءت أحاديث كثيرة تحث المسلمين على التبكير إلى المسجد يوم الجمعة ليتمكنوا من الاقتراب من الإمام والاستماع إلى موعظته على أحسن وجه. ومن ذلك حديث أبي هريرة t المذكور آنفاً في تفسير الذكر. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وسنرى بعضها في الفقرات التالية.

3. 2. الدنو من الإمام

عن سمرة بن جندب أن نبي الله r قال: احضروا الذكر وادنوا من الإمام فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها[4]. وعن أوس بن أوس الثقفي t قال سمعت رسول الله r يقول من غسل يوم الجمعة واغتسل وبكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها[5]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي r قال: من غسل واغتسل  ودنا وابتكر فاقترب واستمع كان له بكل خطوة يخطوها قيام سنة وصيامها[6]

3. 3. الاستماع والإنصات

الإنصات للإمام والاستماع إلى موعظته من أهم الواجبات يوم الجمعة، ومن هنا بين النبي r في أحاديث كثيرة أن أجر المصلي يوم الجمعة يعتمد على الاستماع والإنصات، ومن تكلم في أثناء الخطبة ولو بشيء يسير أو عمل عملاً يسيراً حرم من أجر الجمعة. فعن سلمان الفارسي قال قال النبي r لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى[7]. وعن أبي هريرة مَرْفُوْعًا: من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا[8]. وعن أبي هريرة مرفوعاً: إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت[9].

وقد اتفق فقهاء الملة على الأخذ بهذه التوجيهات النبوية الكريمة، مع بعض الاختلاف في التفاصيل. ومن ذلك اختلافهم في بدء وجوب الإنصات. قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني (189هـ): "وقال أبو يوسف ومحمد لا بأس بالكلام قبل أن يخطب الإمام ولا بأس بالكلام إذا نزل الإمام قبل أن يفتتح الصلاة ... قلت فإذا خطب الإمام كرهت الكلام والحديث قال نعم قلت فهل تكره ذلك قبل أن يخطب حين يخرج قال نعم قلت أفتكره الكلام ما بين نزوله إلى دخوله في الصلاة قال نعم"[10].

وقال العلامة برهان الدين علي بن أبي بكر المرغيناني (593هـ): "وإذا خرج الإمام يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته. قال رضي الله عنه: هذا عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا بأس بالكلام إذا خرج الإمام قبل أن يخطب، وإذا نزل قبل أن يكبر؛ لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع، ولا استماع هنا، بخلاف الصلاة؛ لأنها قد تمتد. ولأبي حنيفة رحمه الله قوله r: إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام" من غير فصل، ولأن الكلام قد يمتد طبعا فأشبه الصلاة"[11]

وما ذهب إليه الإمامان أبو يوسف ومحمد هو مذهب الإمام الشافعي وغيرهم من الأئمة[12]. وهو الذي يتقوى في نظر الباحث في ضوء الأحاديث والآثار. فقد رأينا أن رسول الله r قد حث على الإنصات في حالة الخطبة، فقال: "ثم ينصت إذا تكلم الإمام"، ولم يقل: "إذا خرج الإمام". كما أنه r ربط بين الإنصات والاستماع، فقال: "فاستمع وأنصت" والاستماع لا يكون إلا عند الكلام، فكذلك الإنصات. ثم إنه r إنما منع الكلام حالة كلام الخطيب فقال: "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب". وكل هذه النصوص تدل على أن الإنصات ومنع الكلام إنما يكون في حالة كلام الخطيب، لا قبلها ولا بعدها.

وعن ثعلبة بن أبي مالك القرظي t أنهم كانوا في زمان عمر بن الخطاب t يصلون يوم الجمعة حتى يخرج عمر فإذا خرج عمر وجلس على المنبر وأذن المؤذنون قال ثعلبة جلسنا نتحدث فإذا سكت المؤذنون وقام عمر يخطب أنصتنا فلم يتكلم منا أحد (حتى يقضي خطبتين كلتيهما)[13]. وعن ثعلبة أيضا أن جلوس الإمام على المنبر يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام[14]. وعن عثمان بن عفان t أنه كان يقول في خطبته قل ما يدع ذلك إذا خطب إذا قام الإمام يخطب يوم الجمعة فاستمعوا وأنصتوا  فإن للمنصت الذي لا يسمع من الحظ مثل ما للمنصت السامع[15]. وهذا أيضا يدل على أن الإنصات إنما يبدأ مع بدء كلام الخطيب.

وعن أنس t قال رأيت رسول الله r ينزل من المنبر فيعرض له الرجل في الحاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يقوم فيصلي[16]. وعن التابعي مالك بن أبي عامر أن عثمان t كان بعد النزول من الخطبة لا يكبر حتى يأتيه رجال قد وكلهم بتسوية الصفوف فيخبرونه بان قد استوت فيكبر. وعنه أنه قال كنت مع عثمان فقامت الصلاة وأنا أكلمه في أن يفرض لي فلم أزل أكلمه وهو يسوي الحصباء بنعليه حتى جاءه رجال قد كان وكلهم بتسوية الصفوف فأخبروه أن الصفوف قد استوت فقال لي استو في الصف ثم كبر[17].

وكل هذه الأحاديث والآثار تدل على إباحة الكلام بعد تمام الخطبة وقبل افتتاح الصلاة.

وأما الحديث الذي ذكره المرغيناني: "إذا خرج الإمام فلا صلاة ولا كلام"، فقد صرح الإمام عبد الله بن يوسف الزيلعي (762هـ) وغيرهم من المحدثين أنه ليس بحديث، فلم يرو مرفوعا ولا موقوفاً بوجه من الوجوه. وإنما روي عن بعض الصحابة أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الإمام[18]. ولعل هذا الذي جعل الإمام أبا جعفر الطحاوي (321هـ) يذكر الرأيين، ثم يورد الآثار السابقة التي تؤيد مذهب الصاحبين وغيرهما في جواز الكلام بعد خروج الإمام قبل بدء الخطبة وبعد الانتهاء منها قبل الشروع في الصلاة[19]

4- الهدي النبوي الشريف في هيئة الخطبة:

4. 1. السلام على المصلين بعد صعود المنبر قبل الجلوس وقبل الأذان:

روى ابن ماجه بسند ضعيف عن جابر t أن النبي r كان إذا صعد المنبر سلم[20]. وروى البيهقي بإسناد فيه ضعف عن ابن عمر t قال كان رسول الله r إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم (قبل أن يجلس)[21].

وروى ابن أبي شيبة عن التابعي عامر بن شراحيل الشعبي أنه قال كان رسول الله r إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه فقال السلام عليكم ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة ثم يجلس ثم يقوم فيخطب ثم ينزل وكان أبو بكر وعمر يفعلانه[22]. وقد روى ابن أبي شيبة والبيهقي وغيرهم هذا العمل عن عثمان، ابن عباس، وابن الزبير، وعمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم[23].

وقد اختلفت أنظار الفقهاء في حكم سلام الخطيب على المصلين بعد صعوده المنبر قبل الجلوس والأذان، وذلك لضعف الأحاديث المروية في هذا الباب. وذكر الإمام الطحاوي أن الإمام مالكا قد منع سلام الإمام قبل الخطبة، كما أن مذهب الإمام أبي حنيفة في قطع الكلام بخروج الإمام يقتضي منع ذلك. وإنما ذهب الإمام الشافعي إلى مشروعية سلام الإمام قبل الخطبة. وقال الطحاوي: "لم يرو عن النبي r في ذلك شيء صحيح، وروي فيه أحاديث ضعاف"[24]

4. 2. الجلوس على المنبر قبل الأذان، والخطبة على المنبر قائما، والاعتماد على العصي، والجلسة بين الخطبتين

وقد ثبت من الأحاديث الكثيرة أن النبي r كان يخطب على المنبر قائماً، وأنه يخطب خطبتين يجلس بينهما جلسة خفيفة. كما روي أنه كان يعتمد في خطبه على العصا أو القوس. فعن ابن عمر رضي الله عنهما كان النبي  r يخطب إلى جذع فلما اتخذ المنبر تحول إليه[25]. وعن سهل بن سعد t أرسل رسول الله r إلى امرأة انظري غلامك النجار يعمل لي أعوادا أكلم الناس عليها (أجلس عليهن إذا كلمت الناس) فعمل هذه الثلاث درجات ثم أمر بها رسول الله  r فوضعت هذا الموضع[26].

وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان r يخطب قائما ثم يقعد ثم يقوم كما تفعلون الآن[27]. وعنه أيضا كان النبي r يخطب خطبتين يقعد بينهما، وزاد في رواية أبي داود: كان يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم ثم يقوم فيخطب[28]. وعن جابر بن سمرة أن رسول الله r يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب فقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة[29].

وعن الحكم بن حزن الكلفي قال وفدت إلى رسول الله r سابع سبعة أو تاسع تسعة ... فأقمنا بها أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله r فقام متوكئا على عصا أو قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات طيبات مباركات ثم قال أيها الناس إنكم لن تطيقوا أو لن تفعلوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا[30]. وقال الحافظ ابن حجر: "إسناده حسن فيه شهاب بن خراش وقد اختلف فيه والأكثر وثقوه وقد صححه ابن السكن وابن خزيمة وله شاهد من حديث البراء بن عازب"[31]

وروى ابن ماجه بسند ضعيف عن سعد بن عائذ أن رسول الله r كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس وإذا خطب في الجمعة خطب على عصا[32].

وقد اتفق فقهاء الملة على الأخذ بهذه الأمور، إلا أنهم اختلفوا في بيان الأهمية وتحديد الأولوية. فقد ذهب الإمام الشافعي وغيره من الأئمة القيام والجلسة بين الخطبتين من واجبات الخطبة أو أركانها. وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أن الفرض هو مطلقة الخطبة، وأما القيام، والخطبتان والجلسة بين الخطبتين وغير ذلك فمن سنن الخطبة عنده، فتصح الخطبة بدونها مع الكراهة[33].

5- الهدي النبوي الشريف في عناصر الخطبة

5. 1. رفع الصوت بالخطبة والتفاعل معها

حيث إن الخطبة يراد بها الوعظ والتذكير، فإن من أهم مكوناتها محاولة الخطيب للتأثير في نفوس المستمعين وإثارة عواطفهم، وذلك بتفاعله مع موضوع الخطبة ورفع صوته وشرح كلامه بإشارات يده ونحو ذلك. وقد كان ذلك من أهم عناصر خطب النبي r يوم الجمعة. فعن جابر t قال كان رسول الله  r إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ثم يقول أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعلي[34].

وقد روي في هذا المعنى أحاديث كثيرة، وستمر بنا بعضها في هذا المقال في الفقرات التالية إن شاء الله.

5. 2. الحمد والثناء  في أول الخطبة

عن جابر t قال: كانت خطبة النبي r يوم الجمعة يحمد الله ويثني عليه ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته...[35]. وقد روي عن النبي r أنه قال: "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" رواه أبو داود، وأشار إلى الضعف فيه إسناده[36].

5. 3. الصلاة على النبي r في أول الخطبة

لم يرد عن النبي r كان يصلي على نفسه مع الحمد في أول الخطبة قبل التشهد أو بعده. وقد روي بسند فيه ضعف عن عبد الله بن الزبير أنه قال: ليس من السنة الصلاة على النبي  r  يوم الجمعة على المنبر[37]. وقد استدل البيهقي وغيره من العلماء على أهمية الصلاة عليه في بدء الخطبة بما رواه الترمذي وصححه عن أبي هريرة مرفوعاً: ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم[38].

5. 4. التشهد في أول الخطبة وصيغة التشهد:

روى الترمذي وغيره بسند صحيح عن أبي هريرة قال قال رسول الله r كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء[39]. وورد في أخبار كثيرة أن النبي r كان يبدأ خطبته بالتشهد. وقال المسور بن مخرمة إن رسول الله r حين تشهد قال: أما بعد[40]. وعن ابن مسعود أن رسول الله r كان إذا تشهد قال: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئا[41].

عن جابر قال كان رسول الله r يخطب الناس يحمد الله ويثني عليه بما هو أهله ثم يقول من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وخير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ...[42]

5. 5. الموعظة في الخطبة

ما الخطبة إلا التذكير والموعظة، وما شرعت إلا من أجل ذلك. ومن هنا سماها الله ذكراً، أي التذكير والوعظ. وسماها النبي r "موعظة". فعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي  r أنه قال من اغتسل يوم الجمعة ومس من طيب امرأته إن كان لها ولبس من صالح ثيابه ثم لم يتخط رقاب الناس ولم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينهما ومن لغا وتخطى رقاب الناس كانت له ظهرا[43]. وسنرى أحاديث أخرى تسمي الخطبة موعظة. ومن هنا كان السلف يسمون الخطبة تذكيراً. فعن ابن جريج قال قلت لعطاء الذي أرى الناس يدعون به في الخطبة يومئذ أبلغك عن النبي r أو عمن بعد النبي r؟ قال لا إنما أحدث إنما كانت الخطبة تذكيرا[44]

وروى في مواعظ النبي r في خطبة الجمعة أحاديث كثيرة تدل على تنوعها وتشعبها. ومن جملة ذلك ما روي عن جابر بن سمرة السوائي أنه سئل كيف كانت خطبة النبي r، فقال: كلام يعظ به الناس ويقرأ آيات من كتاب الله ثم ينزل وكانت قصدا يعني خطبته وكانت صلاته قصدا بنحو الشمس وضحاها والسماء والطارق[45]. وعن النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله r يخطب يقول أنذرتكم النار أنذرتكم النار، حتى لو أن رجلا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه[46]. وعن علي أو عن الزبير قال كان رسول الله r يخطبنا فيذكرنا بأيام الله حتى يعرف ذلك في وجهه وكأنه نذير قوم يصبحهم الأمر غدوة[47].

وعن ابن شهاب قال: بلغنا عن رسول الله r  أنه كان يقول إذا خطب كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت لا يعجل الله لعجلة أحدا ولا يخفف لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الناس أمرا ويريد الله أمرا وما شاء الله كان ولو كره الناس لا مبعد لما قرب الله ولا مقرب لما بعد الله فلا يكون شيء إلا بإذن الله. قال ابن شهاب وكان عمر بن الخطاب t يقول في خطبته أفلح منكم من حفظ من الهوى والطمع والغضب وليس فيما دون الصدق من الحديث خير من يكذب يفجر ومن يفجر يهلك إياكم والفجور ما فجور امرئ خلق من التراب وإلى التراب يعود وهو اليوم حي وغدا ميت اعملوا عمل يوم بيوم واجتنبوا دعوة المظلوم وعدوا أنفسكم من الموتى[48]

5. 6. القرآن في الخطبة

القرآن أعظم موعظة للبشرية جاءت من ربهم. وكان النبي r يكثر من قراءة القرآن على المنبر بهدف الوعظ بالقرآن.  وعن جابر بن سمرة قال كانت للنبي  r خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر الناس[49]. وعن عمرة بنت عبد الرحمن عن أخت لعمرة قالت: ما أخذت (ق والقرآن المجيد) إلا عن لسان رسول الله r يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس[50]. وعن صفوان بن يعلي عن أبيه t قال سمعت النبي r يقرأ على المنبر: ونادوا يا مالك[51]..."[52]. وعن أبي سعيد أنه قال خطبنا رسول الله r يوما فقرأ (ص) فلما مر بالسجدة نزل فسجد وسجدنا[53]. وعن أبي ذر أنه قال دخلت المسجد يوم الجمعة والنبي r يخطب فجلست قريبا من أبي بن كعب فقرأ النبي r سورة براءة[54]. وعن أبي بن كعب أن رسول الله r قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم فذكرنا بأيام الله[55].

وكان الخلفاء الراشدون من بعدهم يعظون بالقرآن في أثناء الخطبة. فعن ربيعة بن عبد الله بن الهدير التيمي أن عمر بن الخطاب t قرأ يوم الجمعة على المنبر بسورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل فسجد وسجد الناس[56]. عن الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب أن عمر بن الخطاب t كان يقرأ في خطبته  يوم الجمعة إذا الشمس كورت حتى يبلغ علمت نفس ما أحضرت ثم يقطع[57].

5. 7. الدعاء في أثناء الخطبة ورفع الدين فيه وتركه

وردت أحاديث كثيرة صحيحة تفيد أن في يوم الجمعة ساعة يستجاب فيها دعاء العبد، وقد اختلفت الروايات في تعيين هذه الساعة، وتفيد بعض الأحاديث الصحيحة أنها في أثناء الخطبة والصلاة. فعن أبي موسى الأشعري قال: سمعت رسول الله r وسلم يقول: هي ما بين أن يجلس الإمام إلى أن تقضى الصلاة[58].

وقد كان رسول الله r يدعو في أثناء خطبته. فعن أنس قال بينما النبي r يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل فقال يا رسول الله، هلك الكراع وهلك الشاء فادع الله أن يسقينا فمد يديه (وفي رواية: فرفع يديه) ودعا.[59]

وعن عمارة بن رؤيبة t أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه  فقال قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله r ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة[60]. وفي رواية البيهقي وغيره: أنه رأى بشر بن مروان يوم الجمعة يرفع يديه في الدعاء وهو على المنبر فقال انظروا إلى هذا قال وشتمه لقد رأيت رسول الله r وما يزيد على هذا وأشار بإصبعه السبابة[61].

وعن سهل بن سعد t  قال ما رأيت رسول الله r شاهرا يديه قط يدعو على منبره ولا على غيره ولكن رأيته يقول هكذا وأشار بالسبابة وعقد الوسطى بالإبهام[62].

وقد بين الإمام البيهقي وغيره أن هذه الأحاديث بمجموعها تدل على أنه يسن الدعاء في الخطبة، وأن من السنة أن لا يرفع يديه في الدعاء في أثناء الخطبة ويقتصر على أن يشير بإصبعه، وذلك في غير الاستسقاء[63]. وقال البيهقي: وروينا عن الزهري: كان رسول الله r إذا خطب يوم الجمعة دعا فأشار بإصبعه وأمن الناس ورواه قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة موصولا"[64].

5. 8. كلام الإمام مع بعض المصلين أمراً أو نهيا أو توجيها في أثناء الخطبة

عن جابر t قال جاء رجل والنبي r  يخطب الناس يوم الجمعة فقال أصليت يا فلان قال لا قال قم فاركع ركعتين[65]. وعنه قال لما استوى رسول الله r على المنبر قال اجلسوا فسمع ابن مسعود فجلس على باب المسجد فرآه النبي r فقال تعال يا عبد الله بن مسعود[66] وفي رواية للبيهقي: أبصر النبي r ابن مسعود خارجا من المسجد والنبي r يخطب فقال تعال يا عبد الله بن مسعود[67].

وعن بريدة كان رسول الله r يخطبنا فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله r من المنبر فحملهما (ثم عاد إلى المنبر) فوضعهما بين يديه ثم قال صدق الله ورسوله إنما أموالكم وأولادكم فتنة نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما[68]. وعن قيس عن أبيه أنه جاء ورسول الله r يخطب فقام في الشمس فأمر به فحول إلى الظل[69]. وعن عبد الله بن بسر t جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي r يخطب فقال له النبي r: اجلس فقد آذيت وآنيت[70].

وعن أبي رفاعة قال: انتهيت إلى النبي r وهو يخطب قال فقلت يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لا يدري ما دينه قال فأقبل علي رسول الله r وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدا قال فقعد عليه رسول الله r وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها[71].

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب بينما هو قائم في الخطبة يوم الجمعة إذ دخل رجل من المهاجرين الأولين من أصحاب النبي r (عثمان t) فناداه عمر أية ساعة هذه قال إني شغلت فلم أنقلب إلى أهلي حتى سمعت التأذين فلم أزد أن توضأت[72].

وقال الإمام أبو بكر محمد بن إسحاق، ابن خزيمة (311هـ): "باب إباحة الكلام في الخطبة بالأمر والنهي والدليل على ضد قول من زعم أن الخطبة صلاة ولو كانت الخطبة صلاة ما تكلم النبي r فيها بما لا يجوز في الصلاة... ... ففي هذه الأخبار كلها دلالة على أن الخطبة ليست بصلاة وأن للخاطب أن يتكلم في خطبته بالأمر والنهي وما ينوب المسلمين ويعلمهم من أمر دينهم[73].

5. 9. الاقتصاد في الخطبة

عن جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع النبي r الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا[74]، وفي لفظ أبي دواد: "كان r لا يطيل الموعظة يوم الجمعة إنما هن كلمات يسيرات"[75] وعن عمار بن ياسر قال أمرنا رسول الله r بإقصار الخطب[76]. وعن التابعي أبي وائل قال: خطبنا عمار t فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله r يقول: إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا"[77]. وفي رواية: إن رسول الله r  نهى أن نطيل الخطبة[78]

7- آراء الفقهاء في عناصر الخطبة:

تبين مما سبق أن خطب النبي r رغم قصرها كانت تشتمل على الحمد والثناء والتشهد وتلاوة آي من القرآن والوعظ والتذكير، كما تبين أنه كان يجعلها خطبتين. وقد اختلفت أنظار الفقهاء في تحديد العناصر الواجبة في الخطبة. فمنهم من أباح أن تكون الخطبة عبارة عن تسبيحة أو تهليلة، ومنهم من اشترط خطبتين جامعتين لجميع العناصر المروية عن النبي r، ومنهم من توسط بين الرأيين.

قال الإمام محمد بن الحسن في كتابه "المبسوط": قلت أرأيت الإمام إذا خطب الناس يوم الجمعة فقال الحمد لله أو قال سبحان الله أو قال لا إله إلا الله أو ذكر الله أيجزئه من الخطبة ولم يزد على هذا شيئا قال نعم يجزئه وهذا قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا يجزئه حتى يكون كلاما يسمى الخطبة[79]. وقال في كتابه "الجامع الصغير": "إمام خطب يوم الجمعة بتسبيحة أجزأته. وقالا (رحمهما الله) لا تجزئه حتى يكون كلاماً يسمى خطبة"[80]

وقال الإمام شمس الدين محمد بن أحمد السرخسي (483هـ): وإذا خطب بتسبيحة واحدة أو بتهليل أو بتحميد أجزأه في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى لا يجزئه حتى يكون كلاما يسمى خطبة وقال الشافعي t لا يجزئه حتى يخطب خطبتين يقرأ فيهما شيئا من القرآن ويجلس بينهما جلسة[81].

وقال المرغيناني: "فإن اقتصر على ذكر الله جاز عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا بد من ذكر طويل يسمى خطبة؛ لأن الخطبة هي الواجبة، والتسبيحة والتحميدة لا تسمى خطبة. وقال الشافعي رحمه الله: لا تجوز حتى يخطب خطبتين اعتبارا للمتعارف. وله قوله تعالى: "فاسعوا إلى ذكر الله"، من غير فصل"[82].

هكذا اتفقت جميع مصادر الفقه الحنفي على أن الخطبة في رأي الإمام تجوز وتصح بمجرد ذكر الله من تحميدة أو تسبيحة أو نحوها. وقد أضاف المتأخرون أن هذا الجواز عنده إنما هو مع الكراهة. فقال العلامة حسن بن عمار الشرنبلالي (1069هـ) "وصح الاقتصار في الخطبة على ذكر خالص الله تعالى نحو تسبيحة أو تحميدة أو تهليلة أو تكبيرة لكن مع الكراهة لترك السنة عند الإمام"[83]

وجعل فقهاء الحنفية العناصر المروية عن النبي r في خطبه ونحوها من سنن الخطبة. قال الشرنبلالي: ويسن بداءته بحمد الله بعد  التعوذ في نفسه سرا والثناء عليه بما هو أهله سبحانه والشهادتان وصلاة على النبي r والعظة بالزجر عن المعاصي، والتخويف، والتحذير مما يوجب مقت  الله تعالى وعقابه سبحانه والتذكير بما به النجاة وقراءة آية من القرآن لما روي أنه r قرأ في خطبته واتفقوا يوما ترجعون فيه إلى الله والأكثر على أنه يتعوذ قبلها، ولا يسمى إلا أن يقرأ سورة كاملة فيسمى أيضا وسن خطبتان للتوارث إلى وقتنا وسن الجلوس بين الخطبتين جلسة خفيفة وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات وسن إعادة الحمد وإعادة الثناء وإعادة الصلاة على النبي r ... في ابتداء الخطبة الثانية وذكر الخلفاء الراشدين والعمين مستحسن، بذلك جرى التوارث وسن الدعاء في الخطبة الثانية للمؤمنين والمؤمنات مكان الوعظ .... أي يدعو لهم بإجراء النعم ، ودفع النقم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض والأدواء مع الاستغفار ... ويسن تخفيف الخطبتين بقدر سورة من طوال المفصل... ويكره التطويل وترك شيء من السنن...[84]

8- آراء الفقهاء في لغة الخطبة:

ولا يخفى أن النبي r وأصحابه كانوا يخطبون باللغة العربية. وكذلك كانت الحالة في القرون التالية. وذلك لأمرين: أولهما أن الأئمة كانوا لا يعرفون غير اللغة العربية، ومن عرف منهم غير العربية فإنه كان يجيد اللغة العربية. وثانيا أن المصلين المستمعين أو معظمهم كانوا لا يفهمون إلا اللغة العربية، ومن عرف منهم غير العربية فإنه كان يفهم اللغة العربية. ورغم ذلك قد أثيرت مسألة استخدام غير اللغة العربية في الخطبة والصلاة منذ القرن الثاني الهجري. فأباح الإمام الأعظم أبو حنيفة استخدام غير العربية في أذكار الصلاة وأدعيتها في داخل الصلاة وخارجها، حتى أباح قراءة القرآن بغير العربية. قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني (189هـ) في الجامع الصغير: "محمد عن يعقوب عن أبي حنيفة: في رجل افتتح الصلاة بالفارسية، أو قرأ فيها بالفارسية، أو ذبح وسمى بالفارسية، وهو يحسن العربية أجزأه. وقال أبو يوسف ومحمد: لا يجزئه، وإن لم يحسن العربية أجزأه"[85]

وقال الإمام محمد في كتابه المبسوط: "وقال أبو حنيفة إن افتتح الصلاة بالفارسية وقرأ بها وهو يحسن العربية أجزأه وقال أبو يوسف ومحمد لا يجزئه إلا أن يكون لا يحسن العربية"[86]. وقال أيضا: "قلت أرأيت رجلا قرأ بالفارسية  في الصلاة وهو يحسن العربية قال تجزيه صلاته قلت وكذلك الدعاء قال نعم وهذا قول أبي حنيفة..."[87]

وقال الإمام أبو يوسف (182هـ): عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن ابن مسعود t أنه قال إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول الغفور الرحيم العزيز الحكيم إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب وآية العذاب آية الرحمة وان يزاد في كتاب الله ما ليس فيه[88].

وهذا ما استدل به الإمام أبو حنيفة رحمه الله في جواز قراءة ترجمة القرآن في الصلاة حتى لمن يحسن العربية. فإن ابن مسعود قد أجاز أن استبدال الألفاظ بغيرها إذا اتفق المعنى. واستبدال ألفاظ القرآن بألفاظ عربية أخرى مثل استبدالها بألفاظ غير عربية. ولا فرق بين ترجمة النص العربي بألفاظ عربية أخرى وترجته بألفاظ غير عربية[89].

وقال الإمام السرخسي: "ولو كبر بالفارسية جاز عند أبي حنيفة رحمه الله بناء على أصله أن المقصود هو الذكر وذلك حاصل بكل لسان ولا يجوز عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله إلا أن لا يحسن العربية ... وأصل هذه المسألة إذا قرأ في صلاته بالفارسية  جاز عند أبي حنيفة رحمه الله ويكره وعندهما لا يجوز إذا كان يحسن العربية وإذا كان لا يحسنها يجوز وعند الشافعي t لا تجوز القراءة بالفارسية بحال ولكنه إن كان لا يحسن العربية وهو أمي يصلي بغير قراءة وكذلك الخلاف فيما إذا تشهد بالفارسية أو خطب الإمام يوم الجمعة بالفارسية .... ولو آمن بالفارسية  كان مؤمنا وكذلك لو سمى عند الذبح بالفارسية أو لبى بالفارسية فكذلك إذا كبر وقرأ بالفارسية وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله أنه إذا أذن بالفارسية والناس يعلمون أنه أذان جاز وإن كانوا لا يعلمون ذلك لم يجز لأن المقصود الإعلام ولم يحصل"[90]

وقال علاء الدين السمرقندي (539هـ): "ولو قرأ القرآن بالفارسية فعلى قول أبي حنيفة t تجوز صلاته سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن. وقال أبو يوسف ومحمد: إن كان يحسن العربية لا يجوز، وإن كان لا يحسن يجوز. وقال الشافعي: لا يجوز في الحالين جميعاً"[91]

وقال علاء الدين الكاساني (587هـ): ثم الجواز كما يثبت بالقراءة بالعربية يثبت بالقراءة  بالفارسية عند أبي حنيفة سواء كان يحسن العربية أو لا يحسن وقال أبو يوسف ومحمد إن كان يحسن لا يجوز وإن كان لا يحسن يجوز وقال الشافعي لا يجوز أحسن أو لم يحسن وإذا لم يحسن العربية يسبح ويهلل عنده ولا يقرأ بالفارسية.... وعلى هذا الخلاف إذا تشهد أو خطب يوم الجمعة بالفارسية. ولو آمن بالفارسية أو سمى عند الذبح بالفارسية، أو لبى عند الإحرام بالفارسية أو بأي لسان كان يجوز بالإجماع. ولو أذن بالفارسية قيل إنه على هذا الخلاف. وقيل لا يجوز بالاتفاق؛ لأنه لا يقع به الإعلام، حتى لو وقع به الإعلام يجوز، والله أعلم"[92].

وقال الكاساني أيضا: "ولو افتتح الصلاة بالفارسية... يصير شارعا عند أبي حنيفة وعندهما لا يصير شارعا إلا إذا كان لا يحسن العربية ولو ذبح وسمى بالفارسية يجوز بالإجماع فأبو يوسف مر على أصله في مراعاة المنصوص عليه والمنصوص عليه لفظة التكبير بقوله وتحريمها التكبير وهي لا تحصل بالفارسية وفي باب الذبح المنصوص عليه هو مطلق الذكر بقوله فاذكروا اسم الله عليها صواف وذا يحصل بالفارسية"[93]

تبين مما سبق ما يلي:

(1)        يجوز بإجماع أئمة المذهب الحنفي قراءة القرآن في الصلاة بغير العربية إذا كان المصلي لا يحسن اللغة العربية. والتقييد بالفارسية ليس للاحتراز عن غيرها، بل المراد بها "الأعجمية" أو "غير العربية". فالفارسية وغيرها من اللغات سواء[94]

(2)        إذا كان المصلي يحسن اللغة العربية فإنه يجوز له أيضا القراءة بغير العربية عند الإمام دون صاحبيه.

(3)        يجري على هذا الخلاف الأذكار والأدعية الداخلية للصلاة، وكذلك تكبيرة الافتتاح وخطبة الجمعة.

(4)        وأما الأذان فقد أجاز الإمام أبو حنيفة استخدام غير العربية فيه إذا عرف الناس أنه نداء وأذان.

(5)        أما التسمية عند الذبح والتلبية والشهادة فيجوز لمن يحسن العربية ولمن لا يحسن العربية مطلقاً باتقاقهم.

(6)        نصوص الأئمة في كتب ظاهر الرواية وفي نقول القدماء تدل دلالة صريحة على أن هذا الجواز ليس فيه كراهة. فإن الإمام أبا حنيفة وصاحبيه يعبرون عن الجواز مع الكراهة بأساليب صريحة دالة على ذلك، مثل قولهم: أكره، لا أحب... وصلاته تامة... ونحو ذلك. وهذا في كتاب المبسوط أو الأصل كثير جداً. وفي هذه المسألة لم يشر الإمام ولا صاحباه إلى شيء من الكراهة. ومن هنا اختلفت آراء المتأخرين في ذلك. قال العلامة عثمان بن علي الزيلعي (743هـ): "ولو شرع بالتسبيح أو التهليل أو بالفارسية صح... ولكن الأولى أن يشرع بالتكبير. وهل يكره الشروع بغيره أم لا؟ ذكر صاحب الذخيرة أنه يكره في الأصح. وقال السرخسي: الأصح أنه لا يكره"[95]

(7)         والظاهر من آرائهم أن المصلي إذا قرأ القرآن بغير العربية وهو يحسن العربية فإن صلاته لا تبطل بالنطق بغير العربية في داخل الصلاة، وإنما لا تكفيه هذه القراءة. وهذا ما أكد المرغيناني، حيث قال: "فإن افتتح الصلاة بالفارسية أو قرأ فيها بالفارسية، أو ذبح وسمى بالفارسية وهو يحسن العربية أجزأه عند أبي حنيفة رحمه الله. وقالا: لا يجزئه إلا في الذبيحة. وإن لم يحسن العربية أجزأه... ويجوز بأي لسان كان سوى الفارسية، هو الصحيح... والخلاف في الاعتداد، ولا خلاف في أنه لا فساد. ويروى رجوعه في أصل المسألة إلى قولهما، وعليه الاعتماد. والخطبة والتشهد على هذا الاختلاف، وفي الأذان يعتبر التعارف".[96]

فالمرغيناني يضيف أمرين: أحدهما أنه روي رجوع الإمام أبي حنيفة إلى رأي صاحبيه في مسألة قراءة القرآن. وعلى هذه الرواية لا يجوز قراءة القرآن في الصلاة بغير العربية لمن يحسن العربية باتفاقهم. وأما تكبيرة الافتتاح والخطبة والتشهد وغيرها من الأذكار والأدعية فيبقى فيها الخلاف السابق. والأمر الثاني أن الخلاف في الإجزاء لا في الفساد.

وفي ذلك قال العلامة عبد الحي اللكنوي في شرح كلام الإمام محمد بن الحسن في الجامع الصغير: "قوله :لا يجزئه هذا تنصيص على أن من قرأ القرآن بالفارسية لا تفسد صلاته اتفاقاً ، وإنما الشأن في جواز الصلاة معها".[97]

وقال العلامة ابن نجيم المصري (970هـ): "وفي الهداية ... ولا خلاف في عدم الفساد حتى إذا قرأ معه بالعربية قدر ما تجوز به الصلاة جازت صلاته. وفي فتاوى قاضيخان: إنها تفسد عندهما"[98]

وأضاف بعض المتأخرين أن فتوى المذهب على قول الإمام أبي حنيفة، لا على قول الصاحبين، وأن تكبيرة الافتتاح والخطبة تجوز بغير العربية باتفاق، سواء أكان يحسن العربية أم لا. قال العلامة محمد بن عبد الله التمرتاشي الغزي (1004هـ) في كتابه "تنوير الأبصار"، والعلامة محمد بن علي علاء الدين الحصكفي (1088هـ) في الدر المختار شرح تنوير الأبصار: "صح لو شرع بغير عربية، أي لسان كان ... وشرطا عجزه، وعلى هذا الخلاف الخطبة وجميع أذكار الصلاة.... وجعل العيني الشروع كالقراءة، لا سلف له فيه، ولا سند له يقويه. بل جعله في التاترخانية كالتلبية يجوز اتفاقا، فظاهره كالمتن رجوعهما إليه، لا هو إليهما"

قال العلامة ابن عابدين (1252هـ) في شرحه: "والمعتمد قوله، بل سيأتي ما يفيد الاتفاق على أن العجز غير شرط على ما فيه... لأن الإمام رجع إلى قولهما في اشتراط القراءة بالعربية؛ لأن المأمور به قراءة القرآن، وهو اسم للمنزل باللفظ العربي المنظوم هذا النظم الخاص، المكتوب في المصاحف، والمنقول إلينا نقلاً متواتراً، والأعجمي إنما يسمى قرآنا مجازاً، ولذا يصح نفي اسم القرآن عنه. فلقوة دليل قولهما رجع إليه. وأما الشروع بالفارسية فالدليل فيه للإمام أقوى، وهو كون المطلوب في الشروع الذكر والتعظيم، وذلك حاصل بأي لفظ كان وأي لسان كان. نعم لفظ (الله أكبر) واجب للمواظبة عليه، لا فرض"[99].

وأما جواز الخطبة بغير العربية مطلقا فقال الشرنبلالي في بيان شروط الجمعة: "والرابع الخطبة ولو بالفارسية من  قادر على العربية"[100].

وقد ذكر الباحثون المعاصرون من علماء الأحناف، مثل العلامة عبد الرحمن الجزيري والدكتور هبة الزحيلي أن الأحناف "أجازوا الخطبة بغير العربية ولو لقادر عليها، سواء أكان القوم عربا أم غيرهم"[101].

وأما المالكية فقد اشترطوا في الخطبة أن تكون بالعربية، ولو كان القوم عجما لا يعرفونها. فإن لم يوجد فيهم من يحسن اللغة العربية بحيث يؤدي الخطبة بها سقطت عنهم الجمعة. وأما الشافعية فقالوا: لا يكفي في الخطبة غير العربية متى أمكن تعلمها. فإن لم يمكن خطب بغيرها. هذا إذا كان القوم عرباً. أما إذا كانوا عجما فإنه لا يشترط أداء أركانها بالعربية مطلقا، ولو أمكنه تعلمها ما عدا الآية، فإنه لا بد أن ينطق بها بالعربية، فإن عجز عنها فإنه يأتي بدلها بذكر أو دعاء عربي، فإن عجز عن هذا أيضا فعليه أن يقف بقدر الآية ولا يترجم. وأما غير أركان الخطبة- وهو عندهم الحمد والصلاة، والوصية بالتقوى وقراءة آية والدعاء للمؤمنين والمؤمنات- فلا يشترط فيها العربية، بل ذلك سنة. وأما الحنابلة فمن شروط الخطبة عندهم أن تكون بالعربية مع القدرة عليها، وتصح بغير العربية مع العجز عنها إلا الآية القرآنية، فإنه يجب النطق بها بالعربية. فإن عجز عنها فإنه يأتي بدلها بأي ذكر شاء بالعربية، فإن عجز سكت بقدر قراءة آية[102].

وبالنظر إلى هذه الآراء يتبين للباحث قوة مذهب الإمام أبي حنيفة في جواز استخدام غير العربية في الخطبة. وذلك للأمور التالية:

(1)   أن الله سبحانه وتعالى قد سمى الخطبة ذكراً، أي تذكيراً ووعظاً. فالمطلوب فيه مطلق الذكر. وقد بين علماء الأحناف أن الذكر يحصل بأي لغة كانت. فلا معنى لاشتراط لغة دون لغة. فأمر الخطبة مثل أمر التسمية عند الذكر، حيث المأمور فيه الذكر مطلقاً، فيجوز بأي لغة كانت باتفاق أئمة المذهب الحنفي.

(2)   بل أمر الخطبة أوسع من أمر التسمية على الذبح، فإنها وإن كان المأمور فيها مطلق ذكر اسم الله، فإن المأثور عن النبي r فيها التقيد بلفظ معين، وهو "بسم الله"، ولم يرد أنه r ذبح مرة بـ(الرحمن)، ومرة بـ(العزيز)، ومرة بـ(الغفور) مثلاً.

(3)   وهذا بخلاف الخطبة. فقد تبين من هدي النبي r أنه لم يتقيد في هذا الذكر بلفظ أو نظم معين. وليس كذلك أذكار الصلاة ونحوها، فالمأثور فيها التقيد بألفاظ معينة، فاللفظ فيها متعبد به مع المعنى. وأما الخطبة فإن الكتاب والسنة تدلان على أنه لا يقصد فيه لفظ أو نظم معين، بل المقصود هو التذكير المطلق. وهذا ما جرى عليه الصحابة ومن بعدهم من الأمة. فلم يؤثر عن أحد أنه أوجب التقيد بألفاظ النبي r في الخطبة. فلا معنى لاشتراط اللغة دون اشتراط اللفظ. فقد رأينا أن إبدال اللفظ باللفظ مثل الترجمة.

(4)   ولا يقال إن الخطبة بغير العربية لم يعهد في عهد البني r والصحابة ومن بعدهم. وذلك لأن النبي r والصحابة لم يكونوا يعرفون غير العربية، كما أن جمهور المصلين لم يكونوا يعرفون غير العربية. ومن عرف منهم غير العربية فإنه كان يفهم اللغة العربية. فإذا كان الإمام وجل المصلين يفهمون العربية، ومنهم من لا يفهم إلا العربية فكيف ولِمَ يترك الإمام اللغة العربية إلى غيرها؟

(5)   لا يقال إن الخطبة بغير العربية ابتداع في الدين وإحداث ما لم يكن عليه عمل النبي r والصحابة. وذلك لأن الإمام أبا حنيفة متفق مع الجميع على وجوب اتباع السنة، وإنما الخلاف في تعيين العبادة. فأعمال النبي r منها ما هو عبادة لا يجوز فيه التغيير والإحداث، ومنها ما هو وسائل ولوازمات العبادة لا يلزم فيه الاتباع، بل يجوز المخالفة حسب الظروف والبيئات. فالركوع والسجود والأذكار ونحوها عبادات لا يجوز الإحداث فيها. وأما أقمشة الملابس وهيئة المساجد ومواد البناء فيها فيجوز فيها التغيير عما كان الأمر في عهد النبي r والصحابة. وحج رسول الله r فعمل أعمالا وركب في السفر وأعمال الحج على البعير. فأعمال الحج لا يجوز فيها الإحداث، وأما وسائل الأعمال والمواصلات فيجوز فيها التغيير إذا اقتضى الظروف. وكذلك أمر الخطبة. فإن كانت العبادة المقصودة فيها اللغة لم يجز التغيير فيها. وأما إذا كانت العبادة المقصودة فيها الذكر والوعظ فإنه يكون حينئذ اللغة من وسائل العبادة مثل البعير في الحج ومواد البناء في المسجد. وقد دل القرآن والسنة على أن اللغة أو الفظ المعين ليس بمقصود في الخطبة، بل العبادة المقصودة هي الذكر والوعظ، فيجوز التغيير فيه، بل قد يلزم.

هذا وقد سبق أن الخطبة تشتمل على عناصر ثابتة غير الذكر والوعظ، مثل الحمد، والثناء وتلاوة القرآن. وهذه العناصر يجب أن تؤدي بالعربية، فإن اللفظ فيها متعبد بها مأثور. وأما عنصر الوعظ والتذكير فالراجح فيه مذهب الإمام أبي حنيفة في جواز استخدام غير العربية. ولا سيما إذا كان المصلون كلهم أو معظمهم لا يفهمون الوعظ والتذكير باللغة العربية. فإن الوعظ والتذكير باللغة العربية في هذه الحالة عبث لا معنى له. والله تعالى أعلم. وصلى الله على النبي الأمي محمد r وآله وأصحابه أجمعين. والحمد لله رب العالمين.

 

 



[1] سورة الجمعة: الآية 9.

[2] الطبري، أبو جعفر محمد بن جرير (310هـ) جامع البيان عن تأويل آي القرآن (بيروت، دار الفكر، 1405هـ) 28/102.

[3] البخاري، محمد بن إسماعيل (256هـ) الصحيح (بيروت، دار ابن كثير، ط-3، 1987م) 1/301، 314؛ ومسلم بن الحجاج (261هـ)، الصحيح (بيروت، دار إحياء التراث العربي، دون تاريخ) 2/582

[4] أبو داود، سليمان بن الأشعث (275هـ)، السنن (بيروت، دار الفكر، دون تاريخ) 1/289؛ أحمد بن حنبل (241هـ)، المسند (مصر، مؤسسة قرطبة، دون تاريخ) 5/11؛ الألباني، محمد ناصر الدين، صحيح الترغيب والترهيب (الرياض، مكتبة المعارف، ط-3، 1988م) 1/373؛ صحيح الجامع الصغير (بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1988م) 1/100-101.

[5] أبو داود، السنن 1/95؛ الترمذي، محمد بن عيسى (279هـ)، السنن (بيروت، دار إحياء التراث العربي، دون تاريخ) 2/367؛ النسائي، أحمد بن شعيب (303هـ)، السنن (سوريا، حلب، مكتبة المطبوعات الإسلامية، ط-2، 1986م) 3/95، 102؛ الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله (405هـ) المستدرك على الصحيحين (بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1990م) 1/417-418؛ الألباني، صحيح الترغيب 1/361-362. الحديث صححه الحاكم والذهبي والألباني، وحسنه الترمذي.

[6] أحمد، المسند 2/209؛ الهيثمي، علي بن أبي بكر (807هـ)، مجمع الزوائد (دار الكتاب العربي، بيروت، 1407هـ) 2/171؛ الألباني، صحيح الترغيب 1/363. الحديث حسنه الألباني، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح.

[7] البخاري، الصحيح 1/301.

[8] مسلم، الصحيح 2/588.

[9] البخاري، الصحيح 1/316؛ مسلم، الصحيح 2/583.

[10] محمد بن الحسن الشيباني (189هـ)، المبسوط (كراتشي، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، دون تاريخ) 1/350-353.

[11] المرغيناني، برهان الدين علي بن أبي بكر (593هـ) الهداية في شرح بداية المبتدي (بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى 1995م) 1/84. وانظر: السرخسي، محمد بن أحمد (483هـ)، المبسوط (بيروت، دار المعرفة، 1989م) 2/29-30.

[12] أحمد بن فرح اللخمي (699هـ)، مختصر خلافيات البيهقي (الرياض، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى، 1997م) 2/340-342.

[13] مالك بن أنس (179هـ)، الموطأ (مصر، دار إحياء التراث العربي، دون تاريخ) 1/103؛ الطحاوي، أبو جعفر أحمد بن محمد (321هـ)، شرح معاني الآثار (بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1399هـ) 1/370.

[14] الطحاوي، شرح معاني الآثار 1/370؛ ومالك، الموطأ 1/103؛ البيهقي، السنن الكبرى 3/192. رواه مالك من قول ابن شهاب الزهري.

[15] مالك، الموطأ  1/104.

[16] أبو داود، السنن 1/292؛ أحمد، المسند 3/119، 313؛ ابن خزيمة، محمد بن إسحاق (311هـ)، الصحيح (بيروت، المكتب الإسلامي، 1970م) 3/169؛ ابن حبان، أبو حاتم محمد (354هـ)، الصحيح (بيروت، مؤسسة الرسالة، ط-2 ، 1993م) 7/45. والحديث رجال إسناده ثقات، ومن هنا صححه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهما. وذكر أبو داود أن هذا الحديث مما تفرد بروايته جرير بن حازم.  وهو من رواة الصحيحن، ولكن له أوهام. ومن هنا ضعف بعضهم هذا الحديث.

[17] مالك، الموطأ 1/158؛ البيهقي، أحمد بن الحسين (458هـ) السنن الكبرى (مكة المكرة، دار الباز، 1994م) 3/220.

[18] الزيلعي، عبد الله بن يوسف (762هـ)، نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (مصر، دار الحديث، 1357هـ) 2/201؛ ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي (852هـ)، الدراية في تخريج أحاديث الهداية (بيروت، دار المعرفة، دون تاريخ) 1/216.

[19] أبو بكر الجصاص، أحمد بن علي (370هـ) مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي (بيروت، دار البشائر، الطبعة الثانية 1996م) 1/338-339.

[20] ابن ماجه، محمد ين يزيد القزويني، السنن (بيروت، دار الفكر، دون تاريخ) 1/352. 1/351؛ البوصيري، أحمد بن أبي بكر (840هـ)، مصباح الزجاجة (بيروت، دار العربية، الطبعة الثانية، 1403هـ) 1/133، وقال البوصيري: هذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.

[21] البيهقي، السنن الكبرى 3/205؛ السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (911هـ)، الجامع الصغير (بيروت، دار الفكر، الطبعة الأولى 1981م) 2/334؛ الألباني، محمد ناصر الدين، ضعيف الجامع الصغير (بيروت، المكتب الإسلامي، الطبعة الثالثة، 1990م)، ص 638. وقد حسنه السيوطي وضعفه الألباني.

[22] ابن أبي شيبة، أبو بكر عبد الله بن محمد (235هـ)، المصنف (الرياض، مكتبة الرشد، الطبعة الأولى، 1409هـ) 1/449.

[23] ابن أبي شيبة، المصنف 1/449-450؛ البيهقي، السنن الكبرى 3/205.

[24] أبو بكر الجصاص، مختصر اختلاف العلماء لأبي جعفر الطحاوي 1/344.

[25] البخاري، الصحيح 3/1313.

[26] البخاري، الصحيح 1/172، 310، 2/738؛ ومسلم، الصحيح 1/386.

[27] البخاري، الصحيح 1/311؛ ومسلم، الصحيح، 2/589.

[28] البخاري، الصحيح 1/314؛ وأبو داود،، السنن 1/286.

[29] مسلم، الصحيح، 2/589.

[30] أبو داود، السنن 1/287؛ ابن خزيمة، الصحيح 2/352.

[31] ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي (852هـ)، تلخيص الحبير (المدينة المنورة، السيد عبد الله هاشم، 1964م) 2/65.

[32] ابن ماجه، السنن 1/351. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/133: هذا إسناد ضعيف.

[33] عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة (بيروت، دار الكتب العلمية، دون تاريخ) 1/354-356؛ د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته (دمشق، دار الفكر، الطبعة الثالثة 1989م) 2/282-290.

[34] مسلم، الصحيح 2/592.

[35] مسلم، الصحيح 2/592.

[36] أبو داود، السنن 4/261.

[37] الهيثمي، مجمع الزوائد 2/188، وقال: رواه الطبراني في الكبير، وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس.

[38] الترمذي، السنن 5/461، وقال: حسن صحيح. ورى نحوه الطبراني عن أبي أمامة مرفوعا. قال الهيثمي "رجاله وثقوا". الهيثمي، مجمع الزوائد 10/80

[39] الترمذي، السنن 3/414؛ أبو داود، السنن 4/261؛ أحمد، المسند 2/343؛ ابن حبان، الصحيح 7/36؛ الهيثمي، موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (بيروت، دار الثقافة العربية، الطبعة الأولى 1993م) 2/303. صححه الترمذي وغيره.

[40] البخاري، الصحيح 1/314.

[41] أبو داود، السنن 1/287؛ النووي، يحيى بن شرف (676هـ)، شرح صحيح مسلم  (بيروت، دار إحياء التراث العربي، الطبعة الثانية، 1392هـ) 6/160. وفي السند عمران بن داور، قال فيه الحافظ ابن حجر العسقلاني: "صدوق له أوهام". ابن حجر، تقريب التهذيب (سوريا، دار الرشيد، الطبعة الأولى 1986م) ص 429. فحديثه حسن. وهذا التشهد مروي من وجوه أخرى صحيحة في خطب النبي r وفي خطبة الحاجة.

[42] مسلم، الصحيح 2/592-593، والبيهقي، السنن الكبرى 3/214.

[43] أبو داود، السنن 1/95؛ ابن خزيمة، الصحيح 3/156. وحسنه الألباني في صحيح الترغيب 1/377.

[44] البيهقي، السنن الكبرى 3/217.

[45] أحمد، المسند 5/99؛ الحاكم، المستدرك 1/423. الحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

[46] أحمد، المسند 4/268، 272؛ الحاكم، المستدرك 1/423. الحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 2/188: رجاله رجال الصحيح.

[47] الهيثمي، مجمع الزوائد 2/188، وقال: رواه أحمد والبزار... وأبو يعلى... ورجاله رجال الصحيح.

[48] البيهقي، السنن الكبرى 3/215.

[49] مسلم، الصحيح، 2/589.

[50] مسلم، الصحيح 2/595.

[51] سورة الزخرف: الآية 77.

[52] البخاري، الصحيح 3/1180، 3/1191، 4/1821؛ مسلم، الصحيح 2/594.

[53] الحاكم، المستدرك 1/421. قال الحاكم. صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي.

[54] ابن خزيمة، الصحيح 3/154؛ الألباني، صحيح الترغيب 1/375-376. صححه المنذري والألباني.

[55] ابن ماجه، السنن 1/352. وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 1/134: هذا إسناد رجاله ثقات.

[56] البخاري، الصحيح 1/366.

[57] البيهقي، السنن الكبرى 3/211. والحسن بن محمد بن الحنفية ثقة مات حوالي المائة، والظاهر أنه لم يدرك عمر.

[58] مسلم، الصحيح 2/584.

[59] البخاري، الصحيح 1/315.

[60] مسلم، الصحيح 2/595.

[61] البيهقي، السنن الكبرى 3/210.

[62] أبو داود، السنن 1/289؛ أحمد، المسند 5/337؛ ابن خزيمة، الصحيح 2/351؛ ابن حبان، الصحيح 3/165؛ الحاكم، المستدرك 1/718؛ الهيثمي، موراد الظمآن 8/44؛ الهيثمي، مجمع الزوائد 10/167. وقد صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وحسنه محقق موارد الظمآن.

[63] البيهقي، السنن الكبرى 3/210.

[64] البيهقي، السنن الكبرى 3/210. وقرة من رجال مسلم والاربعة، وهو صدوق له أوهام.

[65] البخاري، الصحيح 1/315.

[66] أبو داود، السنن 1/286؛ الحاكم، المستدرك 1/423. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.

[67] البيهقي، السنن الكبرى 3/206.

[68] الترمذي، السنن 5/658؛ النسائي، السنن 3/108؛ أحمد، المسند 5/354؛ ابن خزيمة، الصحيح 3/355؛ ابن حبان، الصحيح13/403؛ الهيثمي، موارد الظمآن 7/183-184؛. الحديث حسنه الترمذي وغيره.

[69] أبو داود، السنن 4/257؛ أحمد، المسند 3/426؛ البيهقي، السنن الكبرى 3/236.

[70] أبو داود، السنن 1/292؛ ابن خزيمة، الصحيح 3/156؛ ابن حبان، الصحيح 7/29؛ الحاكم، المستدرك 1/424. الحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ورواه ابن ماجه في السنن 1/354 عن جابر بن عبد الله. وقال البوصيري في مصباح الزجاجه 1/134: هذا إسناد رجاله ثقات، وله شاهد من حديث عبد الله بن بسر رواه أبو داود والنسائي.

[71] مسلم، الصحيح 2/597.

[72] البخاري، الصحيح 1/300.

[73] ابن خزيمة، الصحيح 2/252-354.

[74] مسلم، الصحيح 2/591.

[75] أبو داود، السنن 1/289. ورجال إسناده ثقات، إلا سماك بن حرب، فهو صدوق من رجال مسلم والأربعة، فالإسناد حسن إن شاء الله.

[76] أبو داود، السنن 1/289. ورجال إسناده ثقات إلا أبو راشد، فهو مقبول كما أفاد الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب، ص 639.

[77] مسلم، الصحيح 2/594.

[78] أحمد، المسند 4/320.

[79] محمد بن الحسن، المبسوط 1/350-353.

[80] محمد بن الحسن، الجامع الصغير (كراتشي، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، دون تاريخ)، ص 88.

[81] السرخسي، المبسوط 2/30.

[82] المرغيناني، الهداية 1/82.

[83] الشرنبلالي، حسن بن عمار (1069هـ)، مراقي الفلاح بإمداد الفتاح (بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1995م) ص 193.

[84] الشرنبلالي، مراقي القلاح، ص 193-194.

[85] محمد بن الحسن، الجامع الصغير، ص 72.

[86] محمد بن الحسن، المبسوط 1/15.

[87] محمد بن الحسن، المبسوط 1/252.

[88] أبو يوسف، يعقوب بن إبراهيم الأنصاري (182هـ)، كتاب الآثار (بيروت، دار الكتب العلمية، 1355هـ)، ص 44.

[89] ظفر أحمد العثماني، إعلاء السنن (كراتشي، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، دون تاريخ) 3/132-133.

[90] السرخسي، المبسوط 1/36-37.

[91] السمرقندي، علاء الدين محمد (539هـ)، تحفة الفقهاء (بيروت، دار الكتب العلمية، دون تاريخ) 1/130.

[92] الكاساني، أبو بكر بن مسعود (587هـ) بدائع الصنائع (بيروت، دار الكتب العلمية، دون تاريخ) 1/112-113.

[93] الكاساني، بدائع الصنائع 1/131. وانظر: 5/48.

[94] ابن نجيم، زين الدين بن إبراهيم (970هـ)، البحر الرائق (بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1997م) 1/536؛ ابن الهمام، محمد بن عبد الواحد (681هـ)، فتح القدير (بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1995م) 1/290.

[95] الزيلعي، عثمان بن علي (743هـ)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق (باكستان، ملتان، مكتبة إمدادية، دون تاريخ) 1/109.

[96] المرغيناني، الهداية 1/48.

[97] عبد الحي اللكنوي، النافع الكبير شرح الجامع الصغير (كراتشي، إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، دون تاريخ)، ص 72-73.

[98] ابن نجيم، البحر الرائق 1/536.

[99] ابن عابدين، محمد أمين (1252هـ)، حاشية رد المحتار على الدر المختار (بيروت، دار الفكر، 1979م) 1/483-484.

[100] الشرنبلالي، مراقي الفلاح، ص 191.

[101] عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة 1/355؛ د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 2/284.

[102] عبد الرحمن الجزيري، الفقه على المذاهب الأربعة 1/355؛ د. وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته 2/284-289.


কপিরাইট স্বত্ব © ২০২৫ আস-সুন্নাহ ট্রাস্ট - সর্ব স্বত্ব সংরক্ষিত| Design & Developed By Biz IT BD